مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٤٢
من قائل: * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان) * (1) الآية.
لأن عرضها على السماوات والأرض والجبال لم يكن على ظاهره، وكذلك إباؤها وإشفاقها، وما هو إلا مجاز على سبيل التمثيل والتصوير تقريبا للأذهان، وتعظيما لأمر الأمانة، وإكبارا لشأنها.
والأمانة هنا هي طاعة الله ورسوله في أوامرهما ونواهيهما، كما يدل عليه سياق الآية وصحاح السنة في تفسيرها (2).
ولو أردنا استقصاء ما جاء في الذكر الحكيم والفرقان العظيم من هذه الأمثلة، لطال بنا البحث وخرجنا به عن القصد.
وحسبك توبيخه عز وجل لأهل الغفلة عن قوارع القرآن الحكيم، المستخفين بأوامره وزواجره، إذ يقول وهو أصدق القائلين: * (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) * (3).
أما ما جاء في السنة من هذا القبيل فكثير إلى الغاية، وكثير لا يحصى، وحسبك منه الصحاح الصريحة ببكاء الأرض والسماء على سيد الشهداء وخامس أصحاب الكساء..
إذ بكته الشمس بحمرتها، والآفاق بغبرتها، وأظلة العرش بإعوالها، وطبقات الأرض بزلزالها، والطير في أجوائها، وحجارة بيت المقدس بدمائها، وقارورة أم سلمة بحصياتها، وتلك الساعة بآياتها، كما صرحت به

(١) سورة الأحزاب ٣٣: ٧٢.
(٢) انظر مثلا: تفسير الطبري ١٠ / ٣٣٩ ح ٢٨٦٨٦، مجمع البيان ٨ / ١٦٢.
(٣) سورة الحشر ٥٩: 21.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست