مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٣٨
المقام الأول في معنى الآية (1) فأقول:
ظاهر الآية أنها إنما جاءت على سبيل التمثيل والتصوير، فمعناها - والله تعالى أعلم -:
* (و) * أذكر يا محمد للناس ما قد واثقوا الله عليه بلسان حالهم التكويني، من الإيمان به والشهادة له بالربوبية، وذلك * (إذ أخذ ربك) * أي حيث أخذ ربك جل سلطانه * (من بني آدم) * أي * (من ظهورهم ذريتهم) *، فأخرجها من أصلاب آبائهم نطفا، فجعلها في قرار مكين من أرحام أمهاتهم، ثم جعل النطف علقا، ثم مضغا، ثم عظاما، ثم كسا العظام لحما، ثم أنشأ كلا منهم خلقا سويا (2)، قويا، في أحسن تقويم (3)،

(1) إن هذه الآية المباركة من أعجب الآيات نظما وأوضحها وأدقها دلالة على الميثاق الذي أخذه الله سبحانه وتعالى من بني آدم على ربوبيته، ويستفاد من سياق الآية والآيات التي بعدها أن الله تعالى قطع عذر العباد بإقامته الحجة عليهم، إذ لولا هذا الأخذ والإشهاد على ربوبيته تعالى، ونبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، لكان للعباد أن يحتجوا على الله يوم القيامة بحجة يدفعون بها عن أنفسهم العذاب لعدم إيمانهم أو شركهم به سبحانه، ولعدم إيمانهم بالنبوة والإمامة.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: * (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) * سورة المؤمنون 23: 12 - 14.
(3) إشارة إلى قوله سبحانه تعالى: * (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) * سورة التين 95: 4.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست