مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٤٠
بصائرنا، حيث ظهر لديها أمرك، وغلب عليها قهرك، فلا إله إلا أنت، خلقتنا من تراب، ثم أخرجتنا من الأصلاب نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظاما، ثم كسوت العظام لحما، ثم أنشأتنا خلقا آخر قد انطوى فيه العالم الأكبر..
فسبحانك سبحانك ما أسطع برهانك، تحببت إلينا، فدللتنا عليك بآياتك، وأنت الغني الحميد، وتفضلت علينا، فدعوتنا إليك ببيناتك، ونحن الفقراء العبيد، ولولا أنت لم ندر ما أنت.
فلك الحمد إقرارا لك بالربوبية، والحمد فضلك، ولك الشكر بخوعا منا بالعبودية، والشكر طولك، لا إله إلا أنت رب العرش العظيم.
هذا كله من مرامي الآية الكريمة، وإنما جاءت على سبيل التمثيل والتصوير، تقريبا للأذهان إلى الإيمان، وتفننا في البيان والبرهان، وذلك مما تعلو به البلاغة فتبلغ حد الإعجاز.
ألا ترى كيف جعل الله نفسه في هذه الآية بمنزلة المشهد لهم على أنفسهم، وجعلهم بسبب مشاهدتهم تلك الآيات البينات وظهورها في أنفسهم وفي خلق السماوات والأرض بمنزلة المعترف الشاهد، وإن لم يكن هناك شهادة ولا إشهاد؟!
وباب التمثيل واسع في كلام العرب، ولا سيما في الكتاب والسنة، قال الله تعالى: * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر) * (1)..
ضرورة أنهم لم يشهدوا على أنفسهم بألسنتهم، وإنما شهدوا بألسنة

(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست