مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٨ - الصفحة ١١٨
بل نظروا إلى إطراء النواصب ونظائرهم بكل ازدراء، وبرهنوا على أنه غثاء كغثاء السيل لا يمكث على محك النقد إلا قليلا.
وعلى هذا تكون الصفة التي انفردت بها كتب الحديث الإمامية عن سائر كتب الحديث الأخرى: عقيدة أصحابها، بأن أجدر نقطة ينبغي الالتفات إليها في تاريخ رواية الحديث وتدوينه، أن لا يكون في الطريق إليه عدو لله تعالى ورسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) ببغضه العترة الطاهرة عليهم السلام.
وما يغنينا هنا هو بيان موقف الشيخ الطوسي (قدس سره) من الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام)، وأوردها في أحد التهذيبين أو كلاهما وكان الطريق إليها محضا أو مستويا بالمخالف.
فنقول: فصل الشيخ الطوسي موقفه النظري إزاء خبر المخالف في كتابه العدة في أصول الفقه، وطبق ذلك الموقف عمليا في كتابيه التهذيب والاستبصار.
أما الموقف النظري فيكشفه قوله:
"... فأما إذا كان مخالفا في الاعتقاد لأصل المذهب، وروى مع ذلك عن الأئمة (عليهم السلام) نظر في ما يرويه. فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب اطراح خبره. وإن لم يكن هناك ما يوجب اطراح خبره، ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به. وإن لم يكن من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به، لما روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها في ما رووا عنا، فانظروا إلى ما رووا عن علي (عليه السلام) فاعملوا به.
ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، وغياث بن
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست