مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٧١
التشريع، فهم يأخذون أحكامهم منهما، ولا يتحركون إلا في الإطار الذي رسماه للمسلمين.
وهناك من صار يضيف إلى سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سيرة كبار الصحابة، ويتخذها أصلا ثالثا يحتذى به - مع الكتاب والسنة - ويسير على طبقه، وقد كنا سمينا الأول منهما بالمتعبدين، والثاني بالمجتهدين.
وبتقريب آخر: إن سيرة الإنسان المسلم ومنهجه قد يتخذان ويرسمان من منهج إسلامي محدد، فيكون المكلف متعبدا بتلك النصوص، ويمنهج سيرته على طبقه، ولا يرى لنفسه الاجتهاد قباله، فهؤلاء هم المطيعون لأوامر الله والرسول، المنتهون عن نواهيهما، وهم الذين وصفهم الباري ب‍: * (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) * (1) وهم الذين قال تعالى عنهم أنهم: * (لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * (2)، فأول هؤلاء يقتفي أثره آخرهم، ولا يلحظ في سيرتهم الاختلاف المبدئي والتضاد في المنهج والموقف، وذلك لتعبدهم بمنهج محدد مرسوم من قبل الله ورسوله.
وهناك قسم آخر يسمح لنفسه بالاجتهاد قبال النص، ويذهب إلى شرعية القول بالمصلحة مثلا، ومن الطبيعي أن يختلف هؤلاء في المواقف والآراء، طبقا لاختلاف وجهات النظر عندهم.
والأنكى من هذا أنهم - وكما ألمحنا - قد جعلوا هذه المواقف أصولا شرعية لاحقا، بسبب ذهاب فلان إلى الرأي الفلاني، مع عدم اعتقادهم بعصمته، أي أنهم شرعوا تعددية الرأي والأخذ بقول الرجال إلى جانب

(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست