مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٣١
وفي تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي - بسند صحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنها نزلت قبل أن يقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهرين أو ثلاثة (1).
وقال العياشي في تفسيره: إنها أخر ما نزل من القرآن.
وحينئذ نقول: كما جعل الأولون آية التطهير ضمن آيات زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واتخذ أتباعهم ذلك أساسا للقول بنزولها في الزوجات، كذلك الحال في آية التبليغ فقد وضعت في سياق آيات الكلام مع اليهود والنصارى، ثم جاء اللاحقون واستندوا إلى سياق الآية فرارا من الإذعان للحقيقة:
قال الرازي: " إعلم أن هذه الروايات وإن كثرت، إلا أن الأولى حمله على أنه تعالى آمنه من مكر اليهود والنصارى، وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منه بهم، وذلك لأن ما قبل هذه الآية بكثير وما بعدها بكثير، لما كان كلاما مع اليهود والنصارى، امتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين على وجه تكون أجنبية عما قبلها وما بعدها " (2).
وكأن الرازي قد غفل عن أن الآية في سورة المائدة، وهي إنما نزلت في أخريات حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حين لم يكن يهاب اليهود ولا النصارى ولا قريشا، وأن السياق إنما يكون قرينة إذا لم يكن في مقابله نص معتبر، وقد صرح الفخر الرازي نفسه بأن نزول الآية في فضل أمير المؤمنين عليه السلام هو قول ابن عباس والبراء بن عازب والإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام، في حين أنه لم يعضد القول الذي حمل

(١) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦١.
(٢) تفسير الرازي ١٢ / 50.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست