مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ١٥٣
ذلك، ومن بين تلك القواعد ملاحظة ما يتعلق بالخبر من الأمور الخارجية عند التعارض، إذ يعرف خبر التقية الذي لا بد وأن يكون معارضا لما صدر في قباله في بيان الحكم الواقعي من خلال وجود الترجيح بين الخبرين المتعارضين، كاعتضاد أحدهما بدليل معتبر دون الآخر، أو الإجماع على العمل بأحدهما وترك الآخر، أو شدة العمل بأحدهما، وشذوذ معارضه وندرته، أو بموافقة أحدهما للعامة ومخالفة الآخر، ونحو هذا من المرجحات المنصوصة في جملة من الأخبار العلاجية.
ولا شك أن هذه الوجوه كفيلة بالكشف عن أي من الخبرين قد صدر تقية، زيادة على أن الرجوع إلى فقهائنا الأقدمين رضي الله تعالى عنهم كافيا في المقام أيضا، لأن عدم عملهم بجملة من الأخبار المعتبرة سندا دال بطبيعته على أن أخبار التقية هي ضمن المجموعة التي أعرض عنها الفقهاء.
ومعنى هذا انتفاء وجود علم إجمالي بوجود أخبار التقية ضمن الأخبار المعمول بها مثلا في استنباط الأحكام، إذ لا شك بأن شهرة الإعراض عنها ومخالفتها للإجماع يجعلها غير قابلة للاعتماد أو الاحتجاج بها في مقام الاستنباط، لأنها - مع فرض سلامة إسنادها - مسوقة في دائرة التقية (1).
ومن هنا نجد الشيخ (قدس سره) في غنى عن بيان وجه التقية في ما حمله من الأخبار على التقية، لوضوحه في نفسه، ولكنه رضي الله تعالى عنه مع هذا الوضوح لم يتركها سدى، بل بين الوجه في ذلك، إما بموافقتها لعمل العامة

(1) راجع: قواعد الحديث - للسيد محي الدين الموسوي الغريفي -: 152 - 153.
(١٥٣)
مفاتيح البحث: الغنى (1)، التقية (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست