مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ١٥٢
الثالث عشر: الحمل على التقية:
إن كل شئ لا يعلم إلا من جهة المعصوم (عليه السلام) لا تجوز فيه التقية، وأما ما يجوز له منها فهو كل ما لا يتنافى ومقام التبليغ والتعليم والهداية إلى الحق، ويكفي في ذلك انحصار وصول الحق إلى طائفة دون أخرى، كما لو اتقى المعصوم (عليه السلام) من شرار الناس تأليفا لقلوبهم، أو على فئة لحفظهم كما في الاتقاء، ونحو هذا من المصالح العائدة إلى المتقي أو المتقى عليه ثم بين (عليه السلام) وجه الحق لأهل بيته، أو لمن يثق به من أصحابه، أو على أقل تقدير لمن لا يخشى من مغبة مفاتحته بالحقيقة، لكي لا يكون ما خالفها تقية هو السنة المتبعة.
وهذا هو ما حصل فعلا في جميع أخبار التقية التي فرضتها الظروف السياسية حينذاك على لسان الأئمة (عليهم السلام).
ولكن قد يقال بأن الأخبار التي صدرت تقية كما أفاد محدثو وفقهاء الشيعة لم يصل بشأن الكثير منها إعلام من الأئمة (عليهم السلام) بأنها صدرت على نحو التقية، فكيف والحال هذه يتم تمييزها عن غيرها من الأحاديث التي صدرت بنحو الإرادة الجدية؟!
والجواب: إنه ليس من الواجب أن يعلم الإمام (عليه السلام) من يثق به بأنه اتقى من فلان وفلان في مسألة كذا وكذا، بل الواجب هو بيان الحكم الواقعي لتلك المسائل التي اتقى فيها، وبهذا يكون قد أعلم المقربين إليه أو من يأمن بوائقهم بواقع الحال، وهم عليهم - بعد ذلك - أن يميزوا خبر التقية عن غيره وفق قواعد التمييز التي سنها أهل البيت (عليهم السلام) أنفسهم في
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست