مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٣ - الصفحة ١١٥
فارس تحكم الديانة المجوسية عقائديا وكسرى قائدا، وفي الروم الديانة المسيحية وقيصر قائدا، وفي الحبشة الديانة المسيحية أيضا والنجاشي - بناء على أنه اسم للحاكم المطلق لا لشخص معين - قائدا، وهكذا الأقباط في مصر كانوا مسيحيين ولهم قائد واحد.
ولما جاء الإسلام، جاء بقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، هاتان الشهادتان اللتان كانتا لب اللباب المنجي للعرب من حالتهم اللا متوازنة آنذاك، إذ أن الشهادة الأولى كانت تعني جمع العرب أولا - ومن ثم العالم - على اعتقاد واحد بوحدانية المعبود، والشهادة الثانية تعني إنهاء حالة التعددية القيادية والمناحرات القبلية..
فالشهادتان تمثلان العمودين الأساسيين لتكوين مجتمع راق يخضع لقوانين الله سبحانه وتعالى، لتوحيدهم فكريا على الله جل جلاله، وسياسيا واجتماعيا على محمد بن عبد الله.
هذا، ونحن بإيضاحنا هذه الحالة المعيشية والاجتماعية والثقافية في الجزيرة العربية، نتوخى إيقاف القارئ على عظمة الإسلام الذي جعل منهم خلال ربع قرن أمة تقود العالم وتحطم أكبر دولتين آنذاك، كما رجونا أن يتبين لنا خلال الدراسة أثر هذه الرواسب على التاريخ والتشريع الإسلامي، وخصوصا على تاريخ الحديث وسنة رسول الله من بعده (صلى الله عليه وآله وسلم).
تأثير اليهود على عرب الجزيرة:
عرفنا - على ضوء الصفحات السابقة - أن عرب شبه الجزيرة لم تكن لهم مدنية راقية ولا ثقافة عالية، وأنهم قد تأثروا كثيرا بالوافدين كيهود فلسطين و...، وكانوا يرجعون إليهم في كثير من الأمور لكونهم قادمين من
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست