مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٣ - الصفحة ١١٤
يستعملونها إلا في شؤونهم الاقتصادية، ولم يخلف الشماليون نقوشا حجرية بلغتهم العدنانية الخالصة، كما خلف الجنوبيون بلغتهم القحطانية، إلا ما كان من الآثار التي وجدت في حوران، مكتوبة بلغة نبطية تغاير أحكام اللسان العربي في كثير من ألفاظها وتراكيبها.
وبقي العرب لأول الإسلام لا يجيدون الكتابة، ولا يسلمون من الغلط في الإملاء كما تدل المصاحف التي رسمها الصحابة بخطوطهم حتى نزلوا الكوفة والبصرة، واحتاجت الدولة إلى الكتابة، فعنوا بإتقانها، وكتبوا بالخطين النسخي والكوفي، ثم ترقت الخطوط بعد الفتوح الكثيرة، وتشعبت فروعها في بغداد وإفريقية والأندلس إلى أن بلغت حالتها الحاضرة (1).
نعم، إن الكتابة لم تكن بالصورة المطلوبة عند عرب شبه الجزيرة، بل كانت عند عرب أطراف الجزيرة والذين يساكنون الحضارات المجاورة.
قال الدكتور محمد عجاج الخطيب:... وأكثر الآثار التي تحمل كتابات العرب كانت في الأطراف الشمالية للجزيرة العربية حيث كان الاتصال وثيقا بالحضارة الفارسية والرومية، ومما يذكر أن عدي بن زيد العبادي (35 ق. ه‍) حين نما وأينع طرحه أبوه في الكتاب حتى حذق العربية، ثم دخل ديوان كسرى وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى (2).
هذا، ونرى إلى جانب ذاك التفكك الديني والثقافي والقيادي عند العرب، وحدة الدين والقيادة عند الأمم المجاورة، والمتحضرة آنذاك، ففي

(1) أدباء العرب 1 / 34 - 36.
(2) الأغاني 2 / 100.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست