مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٤١
قربه وعلمه.
يا هشام! إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها.
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: " إن لله عبادا كسرت قلوبهم خشيته فأسكتتهم عن المنطق وإنهم لفصحاء عقلاء، يستبقون إلى الله بالأعمال الزكية، لا يستكثرون له الكثير، ولا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل، يرون في أنفسهم أنهم أشرار وإنهم لأكياس وأبرار " (1).
يا هشام! الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار (2).
يا هشام! المتكلمون ثلاثة: فرابح وسالم وشاجب، فأما الرابح فالذاكر لله، وأما السالم فالساكت، وأما الشاجب فالذي يخوض في الباطل، إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذئ، قليل الحياء، لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه (3).

(١) " عجزت عن شكرها " المراد بالعجز الترك وتعجيز النفس والكسل، لا عدم القدرة، أي إن الله يؤاخذ بترك شكر النعمة كما يؤاخذ بفعل السيئة ولو في الدنيا بزوال النعمة.
" يستبقون إلى الله بالأعمال الزكية " أي يسبق بعضهم بعضا في التقرب إلى الله بالأعمال الطاهرة من آفاتها، أو النامية.
" لأكياس " الأكياس: جمع كيس: الفطن، الظريف، الحسن الفهم والأدب.
(٢) " والبذاء من الجفاء " البذاء: الفحش، وكل كلام قبيح. والجفاء: خلاف البر والصلة، وقد يطلق على البعد عن الآداب، وقال المطرزي: الجفاء: الغلظ في العشرة، والخرق في المعاملة، وترك الرفق.
(٣) " المتكلمون ثلاثة " المراد بالمتكلمين القادرون على التكلم، أو المتكلمون والمجالسون معهم تغليبا، والحاصل أن الناس في أمر الكلام على ثلاثة أصناف.
" وشاجب " الشجب: الهلاك والحزن والعيب.
قال ابن الأثير في النهاية 2 / 445: في حديث الحسن: المجالس ثلاثة: فسالم وغانم وشاجب أي هالك، يقال: شجب يشجب فهو شاجب، وشجب يشجب فهو شجب، أي إما سالم من الإثم، أو غانم للأجر، وإما هالك آثم.
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة