مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٤٦
الله جعل التواضع آلة العقل، وجعل التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه، ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه؟!
وكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله، ومن تواضع لله رفعه (1).
يا هشام! ما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح الخطيئة بعد النسك، وأقبح من ذلك العابد لله ثم يترك عبادته (2).
يا هشام! لا خير في العيش إلا لرجلين: لمستمع واع، وعالم ناطق (3).
يا هشام! ما قسم بين العباد أفضل من العقل (4)، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وما بعث الله نبيا إلا عاقلا حتى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين (5)، وما أدى العبد فريضة من فرائض الله حتى عقل

(١) " من شمخ " أي طال وعلا.
" شجه " أي كسره أو جرحه.
" ومن خفض " الخفض: ضد الرفع.
(٢) " ما أقبح الفقر بعد الغنى " المراد بالفقر إما الفقر المعنوي، أي ما أقبح للرجل أن تكون له فضائل نفسية وخلق كريمة، أو عقائد حقة وملة مرضية، ثم يتركها ويستخلف منها الخصال المذمومة والأخلاق الرذيلة أو العقائد الباطلة فيكون مآل أمره إلى الخسران ومرجعه إلى الفناء.
أو المراد المادي أي ما أقبح للرجل أن يكون ذا ثروة ومال، ثم يترفها ويسرفها ويصرفها في ما لا يصلح به دنياه، ولا يثاب في عقباه، فيصير فقيرا ويصبح إلى أقرانه محتاجا.
" وأقبح الخطيئة بعد النسك " النسك: الحج أو مطلق العبادة.
(3) " لا خير في العيش " العيش: الحياة.
" لمستمع واع " يقال: وعاه أي حفظه.
(4) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم 2 / 29 ح 4 عن التحف.
(5) " جهد المجتهدين " الاجتهاد: بذل الجهد في الطاعات.
أخرج قوله: " وما بعث الله نبيا... جهد المجتهدين " في عوالم العلوم 2 / 28 ح 2 عن التحف والكافي.
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة