مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٥ - الصفحة ١٦٦
غيره) (1). أما أن يكرر لفظ الطلاق ثلاث مرات، فهذا طلاق واحد، والتكرار هذا (لعب بكتاب الله) كما وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم! (2).
ولقد كان هذا النوع الأخير من الطلاق، والمعروف بالطلاق الثلاث في مجلس واحد، معدودا طلاقا واحدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، حتى قال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم)! فأمضاه عليهم (3).
فهذا الذي أمضاه عمر، ومضى عليه أصحاب المذاهب الأربعة، ولم يخالف فيه إلا نفر من فقهائهم (شذوا في ذلك)! منهم ابن تيمية وابن القيم، ووافقهم بعض المتأخرين، هذا الحكم سوف يترتب عليه حكم آخر هو في غاية الخطورة والشناعة:
فالطلاق الثالث لا رجعة بعده حتى تتزوج المرأة رجلا آخر، ويقع بينهما طلاق بائن، بخلاف الطلاق الأول إذ لهما أن يتراجعا ما لم تنقض العدة، فبحسب اجتهاد عمر أعطي الطلاق - الذي كان أولا بحكم القرآن والسنة - حكم الطلاق الثالث، فمنع رجوع الزوجين، وأوجب نكاحا جديدا!
وأغرب ما قاله المتأخرون في تبرير هذا الاجتهاد، قول ابن القيم بأن هذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان!!

(١) سورة البقرة ٢: ٢٣٠.
(٢) سنن النسائي - كتاب الطلاق - ٣ باب ٧ ح ٥٥٩٤، إرشاد الساري ٨ / ١٢٨ ولفظه: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!)، تفسير ابن كثير ١ / ٢٧٨.
(٣) صحيح مسلم - كتاب الطلاق - باب طلاق الثلاث ح ١٤٧٢، مسند أحمد ١ / ٣١٤، سنن البيهقي ٧ / ٣٣٦، وصححه الحاكم والذهبي على شرط الشيخين في المستدرك ٢ / 196.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست