مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٥ - الصفحة ١٦٤
يرون - أي في الجاهلية - أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض. ويجعلون المحرم صفرا (1)، ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر (2)، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر.
فقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم! فقالوا: يا رسول الله! أي الحل؟!
قال: (الحل كله) (3).
وفي حديث البراء، قالوا: كيف نجعلها عمرة (4) وقد أحرمنا بالحج؟! فقال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: (انظروا الذي آمركم به فافعلوه) فردوا عليه القول، فغضب، ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان، فرأت الغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك؟! أغضبه الله!
قال: (وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع؟!) (5).
فهل يصح أن يقال: كان هذا الخلاف والرد على الرسول اجتهادا، ولأجل المصلحة التي رآها هؤلاء الصحابة؟!

(١) وهذا هو النسئ الذي كانوا يفعلونه، يؤخرون المحرم ويقدمون مكانه صفرا ليحلونه.
(٦) يريدون: إذا شفيت ظهور الإبل من (الدبر) الذي يصيبها من أثر الحمل ومشقة السفر، وذلك بعد الانصراف من الحج، وعندئذ يكون أثر سيرها قد ذهب وامحى من الطرق لطول المدة.
(٣) صحيح البخاري / ٢ - كتاب الحج - باب ٣٣ ح ١٤٨٩، صحيح مسلم / ٣ - كتاب الحج - باب ٣١ ح ١٩٨ (١٢٤٠).
(٤) وفي لفظ البخاري عن جابر (متعة) بدل (عمرة). صحيح البخاري ح ١٤٩٣.
(٥) مسند أحمد ٤ / ٢٨٦، سنن ابن ماجة ح ٢٩٨٢، سير أعلام النبلاء ٨ / 498 وقال الذهبي: هذا حديث صحيح من العوالي.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست