مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٢ - الصفحة ٣١٠
[78] وهتك أهل البيت بعده فقد * سباهم من بلد إلى بلد [79] وهتكه الدين القويم جهره * بفعله الشنيع يوم الحره (22)
____________________
والحسين، ووضع يده اليمنى على رأس الحسن واليسرى على رأس الحسين، وقال: اللهم إن محمدا عبدك ورسولك، وهذان أطائب عترتي، وخيار أرومتي، وأفضل ذريتي، ومن أخلفهما في أمتي، وقد أخبرني جبرئيل أن ولدي هذا مخذول مقتول بالسم، والآخر شهيد مضرج بالدم، اللهم فبارك له في قتله، واجعله من سادات الشهداء، اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله وأصله حر نارك * واحشره في أسفل درك الجحيم ".
قال: " فضج الناس بالبكاء والعويل، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أتبكونه ولا تنصرونه؟! اللهم فكن أنت له وليا وناصرا.
ثم قال: يا قوم إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ومزاج مائي، وثمرة فؤادي ومهجتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "... إلى آخره.
[79] كان ذلك عند خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية، وكان أمير جند الشام مسلم بن عقبة المري، أوصاه لما وجهه إليهم: ادع القوم ثلاثا، فإن هم أجابوك وإلا فقاتلهم، فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا، فما كان فيها من مال أو رقة أو سلاح أو طعام فهو للجند. ولما ظفر بهم فعل على ما أمره.
ولما دخل المدينة أخذ البيعة على الناس على أنهم خول ليزيد بن معاوية، يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء، وكان ذلك يوم الأربعاء سنة 63.
والحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة، هي بظاهر المدينة تحت واقم، بها كانت الواقعة.

(٢٢) حدثت وقعة الحرة يوم الأربعاء - وقيل: يوم الجمعة - لثلاث بقين من ذي الحجة من سنة ٦٣ ه‍، زمن خلافة الأمويين، وعلى وجه التحديد في زمن يزيد بن معاوية، حيث كانت بقيادة مسلم ابن عقبة، وفيها انتهكت الأعراض واستبيحت الحرمات على مرأى ومسمع من الجميع، فقد أبيحت المدينة المنورة لمدة ثلاثة أيام حتى افتضت فيها ألف بنت باكر من بنات المهاجرين والأنصار، وقتل أيضا الكثير من المهاجرين والأنصار وأبنائهم وسائر المسلمين، ويقدر عدد الذين قتلوا ظلما وعدوانا بزهاء العشرة آلاف وسبعمائة وثمانون رجلا، حيث لم يبق في المدينة أي من الذين شاركوا في وقعة بدر، بالإضافة إلى كل هذه التعديات والانتهاكات، فقد كان قتل النساء والأطفال مروعا وما لا يتحمله العقل وما جاوز الحد، بحيث كان الجندي الأموي يأخذ الطفل من محالب أمه ويرمي به نحو الحائط فينتثر دماغه وأمه تنظر إليه.
وأمرهم المجرم بالبيعة إلى يزيد على أنهم خول وعبيد، إن شاء استرق وإن شاء أعتق، فبايعوا يزيد على إكراه وأموالهم مسلوبة وحرماتهم مهتوكة ورحالهم منهوبة ودماؤهم مسفوكة.
وبعث المجرم ابن عقبة برؤوس أهل المدينة إلى طاغيته يزيد بن معاوية، فلما وضعت بين يديه استشهد بالأبيات المشهورة لابن الزبعرى وهو أحد شعراء العصر الجاهلي (أنظر: شعر ابن الزبعرى: ٤٢):
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل قد قتلنا القرن من سادتهم * وعدلناه ببدر فاعتدل ثم بعد ذلك توجه المجرم ابن عقبة لقتال ابن الزبير - وقد كان في مكة - فهلك لعنه الله وهو في طريقه إليها.
وتأمر بعده الحصن بن نمير بعهد من يزيد، فتوجه نحو مكة المكرمة، ونصب عليها المجانيق، وفرض على جيشه أن يرموا عشرة آلاف صخرة في يوم واحد على البيت الحرام، فحاصر الكعبة عدة أشهر، وهي محرم الحرام وصفر وشهري ربيع الأول والثاني، فمات الطاغية يزيد وكانت المجانيق قد أصابت الكعبة فهدمت البيت وشب فيها الحريق.
أنظر: النص والاجتهاد: ٣١٩، تاريخ ابن الأثير ٤ / ١١١، تاريخ الطبري ٥ / ٤٨٢، أنساب الأشراف ج 1 ق 4 ص 333.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 309 310 311 312 314 315 316 ... » »»
الفهرست