مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ٨
الواحدة من قبل منظري تلك المدارس كل على حدة.
ودراسة هذا الفهم بامتداداته المتعددة يظهر بلا شك مدى العمق العقائدي الذي ترتكز عليه تلك الأطروحات المتفاوتة، أو القاعدة المستقرة عليها أقدامها في طبقات التواصل الفكري - بغض النظر عن واقعية ذلك التواصل أو عدمها - بينها وبين مصدر التشريع وأصله، وما يترتب عليها من إدراك حقيقي يقود إلى الثقة والتسليم بصواب منهجها أو عدمه.
ومدرسة أهل البيت عليهم السلام بما تمتلكه من شواهد ثابتة لم يختلف فيها أحد - إلا مغالطة وجفاء للحق - على كون روادها عليهم السلام يمثلون الامتداد الواقعي والحقيقي للمصدر التشريعي الرئيسي للشريعة الإسلامية - والمتمثل بالرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم - والوعاء المقدس الذي احتوى وكنتيجة بديهية للإرادة السماوية المباركة جميع الأسس التشريعية المتعلقة بالعقيدة الإسلامية، وبأبعادها المترامية الأطراف، والواسعة الأكناف، كل ذلك يمنح خريجي هذه المدرسة القدرة الفكرية المرنة في التعامل مع الأصول الشرعية بوعي وواقعية بعيدا عن المؤثرات الغريبة عنها، والدخيلة عليها.
ومن هنا، فلا يعد بمستغرب قطعا - واعتمادا على توفر هذه الأرضية الصلبة المتاحة لأولئك المنتمين لهذه المدرسة الكبيرة - أن يكون نتاجهم الفكري غزيرا وواسعا ومتنوعا، يحيط بردائه الواسع الفضفاض جميع المفردات التي تقف أمام بعضها المدارس الفكرية الأخرى موقف المتحير العاجز، بل ولا نغالي إن قلنا بأن أولئك الأعلام لم يتركوا بابا إلا وطرقوه، ولا حجة إلا أقاموها، ولا مبحثا إلا وخاضوا غماره ومخروا بيسر عبابه.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 5 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست