مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ١٩
* وأما الحديث من طريق أبي مصعب فإنه مرسل بلا ريب، لأن حميد ابن عبد الرحمن بن عوف لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك من الطريق الآخر فإنه مرسل أيضا، لأن حميدا توفي سنة خمس ومائة - وهو قول الفلاس وأحمد بن حنبل وأبي إسحاق الحربي وابن أبي عاصم وخليفة بن خياط ويعقوب بن سفيان وابن معين (18) - وهو ابن ثلاث وسبعين سنة فيكون قد ولد سنة اثنتين وثلاثين - وهي سنة وفاة أبيه عبد الرحمن بن عوف - أو بعد ذلك بسنة، فكيف تحمل الحديث عن أبيه وهو لم يره إلا أياما معدودات على أكثر تقدير؟!! فروايته عن عمر منقطعة قطعا، وكذا عن عثمان وأبيه - كما قال ابن حجر في تهذيب التهذيب (19) -.
ولمكان هذه العلة لا يصح هذا الإسناد ولا يتم - وقد نبه على ذلك شيخنا الأميني رحمه الله من قبل (20) - ومن ثم ذهب البخاري إلى أن حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن سعيد بن زيد أصح من حديثه عن أبيه (21)، فتنبه!
على أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف لا تندفع عنه التهمة في هذا الحديث وأضرابه، فإنه ممن صنعوا على عين معاوية لحمل أمثال هذا الحديث، وللرئاء بالعبادة والتقشف، وللولوع بالسماع من أعداء علي عليه السلام (22) - كما قال الإمام شرف الدين العاملي رحمه الله تعالى (23) - وهو الذي روى عن أبي هريرة ذلك الإفك البين، أعني حديث تأمير أبي بكر على

(١٨) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠.
(١٩) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠.
(٢٠) الغدير في الكتاب والسنة والأدب ١٠ / ١١٢.
(٢١) سنن الترمذي ٥ / ٦٤٧، كتاب الأربعين البلدانية: ١٠٧.
(22) سمع معاوية وحديثه عنه في صحيح البخاري، وسمع النعمان بن بشير وحديثه عنه في صحيح مسلم، وله عن المغيرة بن شعبة وابن الزبير ومروان وغيرهم من أمثالهم (23) أبو هريرة: 117.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست