مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٥٥
حين يكون خصمه الدولة بكامل ثقلها، بأمرائها وقضاتها ومحدثيها ومؤرخيها، فيعلوا عليه الضجيج لتضيع أصداء صوته المخنوق!!
حينئذ يقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - بشخصه الكريم وسنته المطهرة - فيشهد له بأنه الأصدق قولا من كل ذلك الرعيل، وأنه الأثبت لهجة من كل ذلك الضجيج..
فإن جفاه الناس، وأعرض عنه التاريخ، فلا ضير عليه، فإنه كان وحده أمة في مقابل تلك الأمة، وسيبعث وحده يوم القيامة أمة (75)!! وفي الحالين هو الأمة الأصدق لهجة والأمضى حجة والأعز ناصرا.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال لنا بهذا الحديث: إذا رأيتم أمة تتهم أبا ذر وترد عليه، فصدقوه وكذبوها، ولا يغركم أن فيها رواة ومحدثون، فأبو ذر هو الأصدق لهجة على الدوام.
ولا يغركم فيها كثرة أو غلبة، فأبو ذر وحده أمة!
وقبل ذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر أبا ذر بما سيكون معه، إذ دخل المسجد يوما فوجده منجدلا فيه، فقال له: (ألا أراك نائما؟) فقال أبو ذر: فأين أنام، هل لي من بيت غيره؟
فجلس إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال له: (كيف أنت إذا أخرجوك منه؟).
قال: ألحق بالشام، فأكون رجلا من أهلها.
فقال له: (كيف أنت إذا أخرجوك من الشام؟).
قال: أرجع إليه فيكون بيتي ومنزلي.
فقال له: (فكيف أنت إذا أخرجوك منه الثانية؟) (76).

(٧٥) سير أعلام النبلاء ٢ / ٧٨، الإصابة ٤ / ٦٤.
(٧٦) مسند أحمد ٦ / ٤٥٧، سير أعلام النبلاء ٢ / 61.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست