مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٤ - الصفحة ١٩٥
قال صاحب النهار:
بالليل تدب الهوام، وتثور السباع، وتنتشر الخراب، وتكبس الأحياء، وتشن الغارات، ولذلك قيل: الليل أخفى للويل (٦٥).
ولذلك استعاذوا بالله عز وجل من الأيهمين، وهما السيل والليل، ويقال: الأعميان.
ومما يذم به الليل تشبيه الله عز وجل وجوه أعدائه به فقال: ﴿كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما﴾ (٦٦).
وكان الحسن (٦٧) يقول: ما خلق الله خلقا أشد سوادا من الليل. وقال الله عز وجل: ﴿ومن شر غاسق إذا وقب﴾ (68) وهو الليل إذا أظلم. قال: فهذا هذا.
ثم من الحجة في فضل النهار على الليل افتخار العرب بالأيام دون الليالي فقالوا في مغاراتهم وحروبهم: يوم خزازى، ويوم ذي قار، ويوم حف (69)، ويوم كذا ويوم كذا، ولم يذكروا مثل ذلك في الليالي.
قال عمرو بن كلثوم (70):

(٦٥) مثل سائر، بمعنى إفعل ما تريد ليلا فإنه أستر لسترك، أول من قاله سارية بن عويمر بن عدي العقيلي، وسرد الميداني قصة المثل كاملة. أنظر: (مجمع الأمثال ٢: ١٩٣ / ٣٣٤١ ".
(٦٦) يونس ١٠ / ٢٧.
(٦٧) هو الحسن بن يسار البصري، تابعي، كان إمام أهل البصرة، وأحد العلماء الفقهاء الفصحاء، ولد بالمدينة سنة ٢١ ه‍، وتوفي بالبصرة سنة ١١٠ ه‍، أخباره كثيرة، وله كلمات سائرة.
" الطبقات الكبرى ٧: ١٥٦، حلية الأولياء ٢: ١٣١ / ١٧٠، وفيات الأعيان ٢: ٦٩ / ١٥٦، تهذيب التهذيب ٢: ٢٣١ / ٤٨٨، ميزان الاعتدال ١: ٥٢٧ / ١٩٦٨، العبر ١: ١٠٣، شذرات الذهب ١:
١٣٦، الأعلام ٢: ٢٢٦ ".
(٦٨) الفلق ١١٣ / ٣.
(٦٩) كذا.
(٧٠) عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب، من بني تغلب، أبو الأسود، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، ولد في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة، كان من الفتاك الشجعان وهو الذي قتل الملك عمرو بن هند، وهو من أصحاب المعلقات، والبيت المذكور أعلاه من معلقته التي مطلعها:
ساد قومه وهو فتى، وعمر طويلا، مات في الجزيرة الفراتية.
" الأغاني ١١: ٥٢، خزانة الأدب ١: ٥١٩، الأعلام ٥: ٨٤ ".
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست