لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٥
الأمثال عكوس، وأنموذج لذلك الخاتم، فذلك المماثل، يكون حاكيا عن الأصل المنزل عنه، وإن كان مخالفا معه من وجوه، كما هو حال كل مثال مع ممثله، وقد قال تعالى: " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون " (1) فإن المراد من الأمثال في الآية، تنزيل الحقايق اللبية في ألبسة القوالب الجزئية، لتفهيم من لا يشهد تلك الحقايق، فتلك الأصول ثابتة في محالها، ومواطنها، لا تصعد منها، ولا تتنزل، كما قال عز وجل، حكاية عن الملائكة: " وما منا إلا له مقام معلوم " (2) فكلما يوجد في عالم السفل، فهو فرد أوجده الله تعالى، فيه، مشابها لذلك الكلي الإحاطي الذي أوجده في عالم الفوق، وقد ورد عن علي بن الحسين عليهما السلام: " إن في العرش تمثال جميع ما خلق الله " (3) وورد عن أبي عبد الله عليه السلام: " إن حملة العرش أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم، والثاني على صورة الديك يسترزق الله للطير، والثالث على صورة الأسد يسترزق الله للسباع، والرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم، الخبر " (4) فإيجاد ما في العالم السفلي مشروط بإيجاد ما في العالم العلوي كما أن إيجاد الإنسان للجزئيات مشروط بإيجاده للكليات، فما لم يتعقل، لم يتوهم ولم يتخيل، فهو العاقل المتوهم المتخيل، لا أنه يوجد العقل، والعقل يوجد الوهم والخيال، ونظيره في مراتب الصعود، حال الغذاء الذي يتكون منه الإنسان، بعد ورود تحولات كثيرة عليه، فإنه يصير أولا كيلوسا، ثم كيموسا،

١ - سورة العنكبوت آية ٤٣.
٢ - سورة الصافات آية ١٦٤.
٣ - أورده المجلسي قدس سره في بحار الأنوار (كتاب السماء والعالم) باب العرش والكرسي وحملته، نقلا الأخير منه عن كتاب الخصال. وفي الباب بمضمون الثاني أخبار أخر.
4 - تقدم آنفا تحت رقم 3.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»