لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٨
أما الكلام في المقام الأول فنقول: لا ريب في بطلان الترجيح من غير مرجح، وأن إنكاره يستلزم القول بجواز الترجح بلا مرجح الباطل باتفاق الكل حتى عند الأشعريين، لأن حدوث إرادة أحد المتساويين دون الآخر في نفس الفاعل من دون مرجح، كان من الترجح بلا مرجح، ومن وجود الممكن بلا علة، فهذا أصل. ولا شبهة أيضا في أنه:
كما أن المحسوسات على قسمين، قسم مطبوع، وقسم منفور، فكذلك الأفعال، قسم حسن عند العقل كالعدل والاحسان، وقسم قبيح كالظلم والعدوان، وهذا أصل آخر.
وبعد ذلك نقول: لا ريب في أن العقلاء لا يقدمون على أمر خطير ليس له نتيجة عقلائية، وفائدة مهمة لا سيما إذا كان ذلك الأمر ملازما أو مشتملا على مفاسد كثيرة، ومضار غير قابلة للتدارك، وليس بناؤهم في أفعالهم أن يفعلوا على طريقة الصبيان باللهو واللعب، ولا على سيرة السفهاء من الإقدام على ما لا نتيجة عقلائية ولا غاية فكرية له، غير تضييع العمر وإتلاف الوقت، لوضوح أنه أمر قبيح، والعقلاء لا يقدمون على مثله أصلا، فخالق العقول الذي أنعم عليهم بنعمة العقل التي تمنع عن الإقدام بمثل ما ذكر، أولى بأن لا يكون فعله بلا غاية ونتيجة خطيرة مهمة.
ولا ريب أيضا إن العالم الجسماني مشتمل على مضار ومفاسد عظيمة لا تحصى، كتلف نفوس كثيرة حيوانية من قبل الإنسان في كل يوم، وإنسانية من جهة وجود البلايا، والأمراض، والتصادفات، وغير ذلك مما يطول شرحه وتفصيله، ولوضوحه لا يحتاج إلى البيان، حتى قيل:
(١٨)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»