لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٤
المنصف، يجوز أن هذه الخلقة العجيبة المحيرة للعقول، مع هذا النضد والترتيب المستحسن، وجدت من طبع مادة نطفة - مع صورة ما - التي تكون متحولة على سبيل الدوام من صورة إلى صورة أخرى، بلا شعور، ولا إرادة، ولا قدرة * حتى تصل إلى مرتبة الجنين - ولا يكون كل صورة أيضا علة لصورة تليها، لأن كل صورة جديدة لاحقة، توجد عند زوال سابقتها، والمعلول لا يكون باقيا عند زوال علته -؟ حاشاه عن مثل هذا التوهم الباطل، وهل الإنسان العاقل إذا رأى مجسمة إنسان أو حيوان بلا روح، أو صورة واحد منهما المنقوشة على جدار، أو قرطاس، يحتمل ويجوز أن أمثال هذه حصلت من غير صائغ وصانع ومصور؟ وكم من فرق بين هذه الأمثلة، وبين المخلوقات ذوات الأرواح والقوى، المصنوعة بالصنع الإلهي، والقدرة الأزلية؟ نعم:
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة * فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر وإذا أراد مصور أن يحكي صورة إنسان، أو حيوان، فكم يحتاج إلى تهيئة ألوان من المداد، وأقلام صغيرة، وكبيرة، لحكاية ما أراد تصويره؟
فجلت وعظمت قدرة الخالق العظيم، كيف أوجد أشكال الحيوانات، والانسان، والأشجار، والرياحين الغير المحصورة المتنوعة، بلا مداد، ولا أقلام محسوسة، في ظلمات البطون، والأرحام، وغيرهما، بقلم القدرة النافذة في ذوات الموجودات، وبواطن المخلوقات.
ولنذكر في المقام، تقريبا للمرام: رواية شريفة، رواها المحدث التقي المجلسي قدس سره في المجلد الثاني من البحار (كتاب التوحيد) باب إثبات الصانع، عن كتاب الاحتجاج، وهي أنه " دخل أبو شاكر الديصاني - وهو زنديق - على أبي عبد الله عليه السلام، فقال له: يا جعفر بن محمد، دلني على معبودي، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أجلس
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»