شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٢٧٧
عمرو بن العاص سأل يحيى النحوي وقد قربه وعرف مقامه العلمي قائلا: ومن جمع هذه الكتب وما قصتها فقال يحيى: جمعها بطليموس فيلادلفوس من ملوك الإسكندرية، لما ملك حبب إليه العلم والعلماء وفحص عن كتب العلم وأمر بجمعها.
وأفرد لها خزائن فجمعت وولى أمرها رجلا يعرف بابن زمرة (زميرة) وتقدم إليه بالاجتهاد في جمعها وتحصيلها والمبالغة في أثمانها وترغيب تجارها ففعل واجتمع من تلك في مدة قليلة خمسون ألف كتابا ومائة وعشرون كتابا 50120 ألف كتاب.
ولما علم الملك باجتماعها وتحقق عدتها قال لزميرة أترى بقي في الأرض من كتب العلم ما لم يكن عندنا؟ فقال له زميرة: قد بقي في الدنيا شئ في السند والهند وفارس وجرجان والرومان وبابل والموصل وعند الروم. فعجب الملك من ذلك وقال له: دم على التحصيل فلم يزل على ذلك إلى أن مات وهذه الكتب لم تزل محروسة محفوظة يراعيها كل من يلي الأمر من الملوك وأتباعهم إلى وقتنا هذا.
فاستشار عمرا وما ذكره يحيى وعجب منه وقال له لا يمكنني أن آمر بأمر إلا بعد استئذان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وكتب إلى عمر وعرفه بقول يحيى الذي ذكر واستأذنه ما الذي يصنعه فيها؟
فورد عليه كتاب عمر يقول فيه: وأما الكتب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى وإن كان ما يخالف كتاب الله تعالى فلا حاجة إليها فتقدم بإعدامها، فشرع عمرو بن العاص في تفريقها على حمامات الإسكندرية وإحراقها في مواقدها وذكرت عدة حمامات الإسكندرية يومئذ وانسبتها فذكروا أنها استنفدت في مدة ستة أشهر فاسمع واعجب انتهى.
مصادر أخرى وجاء في فهرست ابن النديم المتوفى 385 إشارة إلى تلك المكتبة المحروقة. قال في ص 334 وحكى إسحاق الراهب في تاريخه أن بطولوماوس فيلادلفوس من
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»