الأمر بين الأمرين - مركز الرسالة - الصفحة ٥٦
من مصدرها بعد انفصال مصدر الحرارة عنه، وبقاء البناء بعد أن يكمله البناء وذهابه لشأنه، وما يشبه ذلك.
وإلى هذا الرأي يشير الشيخ ابن سينا في الإشارات: (وقد يقولون: إنه إذا وجد فقد زالت الحاجة إلى الفاعل حتى إنه لو فقد الفاعل جاز أن يبقى المفعول موجودا كما يشاهدونه من فقدان البناء وقوام البناء، وحتى أن كثيرا منهم لا يتحاشا أن يقول: لو جاز على الباري تعالى العدم لما ضر عدمه وجود العالم، لأن العالم عندهم إنما احتاج إلى الباري تعالى في أن أوجده، حتى كان بذلك فاعلا، فإذا جعل وحصل له الوجود من العدم فكيف يخرج بعد ذلك الوجود إلى العدم حتى يحتاج إلى الفاعل) (1)؟.
والمفوضة، بناء على هذا التنظير الفلسفي يذهبون إلى أن الانسان يستقل عن الله تعالى بعد أن يخلقه، ولذلك فهو مستقل في اختياره وفعله عن الله تعالى تماما.
وهذا رأي باطل لا يقاوم الأدلة العقلية القطعية التي تقرر بأن حاجة المعلول إلى العلة ليس في مرحلة الحدوث فقط بل في الحدوث والبقاء على نحو سواء، وإذا زالت العلة زال المعلول تماما، فإن المعلول قائم بالعلة وبزوال العلة يرتفع المعلول إذ ليس للمعلول وجود مستقل غير ما تفيض العلة على المعلول (وهو علاقة العلة بالمعلول) ومتى انقطعت هذه العلاقة وانتهت هذه الإفاضة ينتهي المعلول بطبيعة الحال.
وما يتراءى لنا من النظرة الساذجة الأولى من استمرار وجود المعلول

(١) البيان في تفسير القرآن - المدخل إلى التفسير، لآية الله السيد أبو القاسم الخوئي: 102.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المركز 5
2 مقدمة الكتاب 9
3 الفصل الأول الحتمية التأريخية والحتمية الكونية 13
4 النتائج السلبية لهاتين الحتميتين 15
5 الاستغلال السياسي للحتمية التأريخية 15
6 بنو أمية والحتمية السلوكية والتأريخية 16
7 الاستغلال السياسي للحتمية الثانية 17
8 العلاقة بين الحتميتين 19
9 موقف القرآن من هاتين الحتميتين 21
10 موقف أهل البيت عليهم السلام من هاتين الحتميتين 23
11 الحتمية الأولى 24
12 الحتميات الإلهية في سلوك الانسان 25
13 أصل الكسب 26
14 مناقشة أصل الكسب 28
15 الحتميات المادية المعاصرة 29
16 نقد الحتمية التأريخية 31
17 الاستغلال السياسي للحتمية 33
18 التفويض 35
19 الفصل الثاني موقف القرآن من مسألة (الحتمية) و (استغلال الانسان) 39
20 1 - مبدأ حرية الاختيار في القرآن 39
21 2 - نفي التفويض واستغلال الانسان في القرآن 45
22 الفصل الثالث مذهب أهل البيت عليهم السلام (الامر بين الامرين) 51
23 تفسير الامر بين الامرين 52
24 السبب الذي صرف العلماء عن (الامر بين الامرين) 52
25 الاختيار ليس مساوقا للاستقلال 54
26 تفسير علماء مدرسة أهل البيت (الامر بين الامرين) 55
27 التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء 55
28 مناهج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام لتفسير (الامر بين الامرين) 57
29 تقرير وشرح لنظرية (الامر بين الامرين) 58
30 المثال الذي استعان به المحقق السيد الخوئي لتوضيح الامر 59
31 رأي الشيخ المفيد 60
32 1 - رفض نسبة أفعال الناس إلى الله 60
33 2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله 65
34 الفصل الرابع أهل البيت عليهم السلام في موقع الدفاع عن (التوحيد) و (العدل) 73
35 1 - نظام القضاء والقدر في الكون 73
36 2 - القضاء والقدر هو النظام الإلهي في الكون وحياة الانسان 76
37 3 - القيمومة الإلهية الدائمة على نظام القضاء والقدر في الكون 78
38 4 - تتم المعاصي من الناس بقضاء الله وقدره ولا يعصى مغلوبا 80
39 5 - التفكيك بين إرادة الله التكوينية والتشريعية 85
40 6 - حرية الاختيار لدى الانسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر 88
41 7 - مسؤولية الانسان في فعله 93
42 8 - الهيمنة الإلهية على حركة القضاء والقدر في الكون والتأريخ 94
43 9 - قانون الامداد والخذلان الإلهي في حياة الناس 96
44 الخاتمة 99