أولاد الإمام محمد الباقر (ع) - السيد حسين الزرباطي - الصفحة ١٨٣
الأجداد. ولم تغرر الهفوات الزمنية التي كانت تتخلل فترات الحكم، تلك الهفوات التي كانت تبدو هادئة، لم تشوق الكثير من العلويين الذين استقروا في أماكن بعيدة عن متناول يد السلطان على الخروج من مأمنهم لدركهم زوال الصحوة هذه وما نسمعه من وجود فترات استقرار خلال سني انتقال السلطات لا سيما الفترة بين مروان الحمار والمنصور هي في الواقع محدودة وقتا ونوعا وإذا كانت حقا فترات أمن فهي فترات أمن للهرب براحة واختيار المخبأ المناسب دون عجلة ليس إلا وإلا فالسفاح الذي يصفه أنصاره بأنه لم يرق دما هاشميا على أقل تقدير. لم يغفل لحظة عن العلويين وكان كثيرا ما يسأل عن شخصياتهم. ولولا تسترهم بشعار القرابة من رسول الله (ص) لاستأصلوا ما سوى الفرع العباسي من الهاشميين ممن كانوا مورد عناية المسلمين. ولذا نرى العلويين هم الذين حكم عليهم بالإبادة منذ أول لحظة استلم المنصور فيها قيادة الحكم العباسي.
هذا هو السبب الواقعي وراء مطاردة الحكومات لأبناء الإمام علي عليه السلام جيلا بعد جيل وهو السبب في ابتعاد بعض العلويين عن الأضواء ليكونوا بالتالي هم وأبناؤهم وأحفادهم طعما للإهمال والنسيان وقد اختاروا أن يكونوا طعما للنسيان بدل أن يكونوا طعما للسلطان.
فاستقروا في أماكن اختفائهم هم وذرياتهم ولأجيال طويلة، ومن هنا نعرف أن العذر الذي منع الأجداد من الظهور هو نفسه الذي منع الأحفاد من الظهور أيضا ولو قدرنا فترة المحنة التي مرت على العلويين منذ عهد الإمام الباقر (ع) وإلى أواخر العهد العباسي لدل طول الفترة على أن القرون الثلاث أو الأربع التي عاشوها كافية لإنزال
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»