العروة الوثقى - السيد اليزدي - ج ٤ - الصفحة ٣٤١
بتقريب قربانهم وقضاء تفثهم، ليطهروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم وبينه، وليزوروا البيت على طهارة منهم، ثم يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرق وكنه العبودية، فجعلهم تارة يطوفون فيه، ويتعلقون بأستاره، ويلوذون بأركانه، وأخرى يسعون بين يديه مشيا وعدوا، ليتبين لهم عز الربوبية، وذل العبودية، وليعرفوا أنفسهم، ويضع الكبر من رؤوسهم، ويجعل نير الخضوع في أعناقهم، ويستشعروا شعار المذلة، وينزعوا ملابس الفخر والعزة وهذا من أعظم فوائد الحج، مضافا إلى ما فيه من التذكر بالاحرام والوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر، وأهوال يوم القيامة، إذ الحج هو الحشر الأصغر، وإحرام الناس وتلبيتهم وحشرهم إلى المواقف ووقوفهم بها والهين متضرعين راجعين إلى الفلاح أو الخيبة والشقاء أشبه شئ بخروج الناس من أجداثهم، وتوشحهم بأكفانهم، واستغاثتهم من ذنوبهم، وحشرهم إلى صعيد واحد إلى نعيم أو عذاب أليم، بل حركات الحاج في طوافهم وسعيهم ورجوعهم وعودهم يشبه أطوار الخائف الوجل المضطرب المدهوش الطالب ملجأ ومفزعا نحو أهل المحشر في أحوالهم وأطوارهم، فبحلول هذه المشاعر والجبال والشعب والتلال ولدى وقوفه بمواقفه العظام يهون ما بأمامه من أهوال يوم القيامة من عظائم يوم المحشر، وشدائد النشر، عصمنا الله وجميع المؤمنين، ورزقنا فوزه يوم الدين، آمين رب العالمين (1) (وصلى الله على محمد وآله الطاهرين).

(1) من أول كتاب الحج إلى هنا لنجله الأمجد الأوحد حضرة السيد محمد بأمر والده دام ظلهما وعلا مجدهما - المسترحمي.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة