ومجاز محض لا حقيقة له.
أما السبب الأول - أعني محبة النفس: فمعلوم أن وجود كل أحد فرع لوجود ربه وظل له، ولا وجود له من ذاته، بل هو من حيث ذاته ليس محض وعدم صرف، فوجوده ودوام وجوده وكمال وجوده من الله وبالله وإلى الله، فهو الموجود المخترع له، وهو المبقي له، وهو المكمل لوجوده بإيجاد صفات الكمال فيه، فهو صرف العدم لولا فضل الله عليه بالإيجاد، وهالك بعد وجوده لولا فضله عليه بالإبقاء، وناقص بعد بقائه لولا فضله عليه بالتكميل، فليس في الوجود شئ له قوام بنفسه إلا القيوم المطلق الذي هو قائم بذاته ومقوم لغيره. وحينئذ، فمحبة كل شئ لنفسه ترجع إلى محبة ربه، وإن لم يشعر المحب به، وكيف يتصور أن يحب الإنسان نفسه ولا يحب ربه الذي به قوام نفسه؟ مع أن من أحب الظل أحب بالضرورة الأشجار التي بها قوام الظل، ومن أحب النور أحب لا محالة الشمس التي بها قوام النور، وكل ما في الوجود بالإضافة إلى قدرة الله - تعالى - كالظل بالإضافة إلى الشجرة والنور بالإضافة إلى الشمس، إذ الكل من آثار قدرته، ووجوده تابع لوجوده، كما أن وجود الظل تابع لوجود الشخص، ووجود النور تابع لوجود الشمس، بل هذا المثال إنما هو للتفهيم، وبالإضافة إلى أوهام العوامل، حيث يتوهمون أن الظل والنور تابعان للشاخص والشمس وفايضان عنهما، وعند التحقيق ليس الظل والنور أثرين للشخص والشمس وموجودين بهما، بل هما فايضان من الله - تعالى - موجودان به بعد حصول الشرائط، كما أن أصل الشخص والشمس وشكلهما وسائر صفاتهما منه - تعالى -.
وأما السبب الثاني، والثالث - أعني الالتذاذ والاحسان، سواء كان متعديا إلى المحب أم لا: فمعلوم أنه لا لذة ولا إحسان إلا من الله - تعالى - ولا محسن سوى الله، فإنه خالق الإحسان وذويه، وفاعل أسبابه ودواعيه وكل محسن فهو حسنة من حسنات قدرته وحسن فعاله، وقطرة من بحار كماله وأفضاله.
وأما الرابع - أعني الحسن والجمال والكمال: فلا ريب في أنه تعالى