بقولنا: إن لم يرتكب كبيرة. أو المراد أنه من أهل الجنة من حيث المآل، أو بعد التوبة، وفيه بعد.
وكذا عموم قوله: " غفرت له ذنوبه " يشمل الصغائر والكبائر، أية كبيرة كانت.
وهذا أيضا مشكل وبعيد عن القواعد الشرعية، وتخصيصه بالصغيرة هو الوجه.
ويمكن حمل المحبة على المحبة الصادقة الكاملة، أو يكون الكلام محمولا على ضرب من المبالغة والترغيب في البكاء والعزاء وثواب المرثية والمصيبة وإطعام الطعام في محبته (عليه السلام).
وجملة القول: إن إبقاء أمثال هذه الأخبار على ظاهرها، ثم إذاعتها بين الناس من دون ضرب من التأويل يوجب جرأة العوام على ترك الأعمال الحسنة وفعل الأفعال القبيحة، وهو ينافي غرض الشارع من وضع الشرع وما فيه من الأوامر والنواهي، فإن من سمع أن صرف درهم من ماله في محبته (عليه السلام) يورث غفران ذنوبه كلها والدخول في الجنة معافا فيها يسهل عليه حينئذ الإقدام على قتل النفوس وغصب الفروج ونهب الأموال وأسر الأولاد وأشباه ذلك من المفاسد العظيمة الموجبة للهرج والمرج، والشرع إنما ورد على الكف من ذلك كله، فهذه الأخبار وما شابهها من المتشابهات التي يجب ردها إلى المحكمات وترك العمل على ظاهرها.
فإن قلت: فيه إشكال من وجه آخر وهو أن الأجر هو جزاء العمل، وقد ورد " أن أفضل الأعمال أحمزها " (1) أي: أشقها، فكيف يكون أجر بكاء قطرة واحدة والباكي في منزلة مساويا لأجر شهادة مائة شهيد المتضمنة لمشقة عظيمة لا مشقة فيها؟ وأية حكمة في تفضيل العمل القليل الخفيف على العمل الكثير الثقيل المتضمن لبذل النفس في سبيل الله؟
قلت: لا إشكال فيه بعد ورود النص وخفاء الحكمة، وعدم اطلاعنا على سرها