التي بعد العين، فتفسير العاشوراء في جواب " ما العاشورا " حيث أتى ب " ما " الشارحة للإسم بالبكاء والتباكي والمرثية والعزاء على مصيبة الحسين بن علي (عليهما السلام) مجاز من باب تسمية الظرف باسم ما ينبغي أن يقع فيه، وفيه من المبالغة والحث على البكاء والتباكي والمرثية والعزاء على مصيبة الحسين (عليه السلام) ما لا يخفى.
وبكى يبكي بكى وبكاء بالقصر والمد، قيل: القصر مع خروج الدمع، والمد على إرادة الصوت، وقد جمع الشاعر بين المعنيين كما في هذا الحديث، فقال:
بكت عيني وحق لها بكاها * وما يغني البكاء ولا العويل وتباكى الرجل تكلف البكاء، ومنه " إن لم تجدوا البكاء فتباكوا " (1).
وقوله: " تعزى " أي: تصبر وتسلى في هذه المصيبة العظمى والرزية الكبرى وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، كما أمر الله به الصابرين من أهل المصاب (2).
والظاهر أن المراد أن هذه الخصال من حيث المجموع إنما يتحقق في هذه الأمة من حيث المجموع دون سائر الأمم، لا أن كل واحد منها يتحقق في كل واحد منهم حتى يلزم منه تفضيل كل واحد من هذه الأمة على كل واحد من الأمم السابقة، وهو خلاف الواقع، ضرورة أن أوصياء الأنبياء (عليهم السلام) أفضل من آحاد هذه الأمة، فالمراد تفضيل الكل على الكل لا الآحاد على الآحاد.
ومما يدل على تفضيل هذه الأمة على سائر الأمم قوله تعالى: * (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) * (3) الآية.
والمراد بالأمة هو أمة الإجابة لا الدعوة، فإن أمة كل نبي أتباعه في دينه، فمن لم يتبع دينه وإن كان في زمانه فليس من أمته، وبه يندفع ما يمكن أن يقال: كيف يكون هذه الأمة خير أمة وقد قتل فيها ابن بنت نبيها؟ فإن هؤلاء وأتباعهم وأشياعهم ليسوا من أمته في شئ لعدم اتباعهم دينه.