غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ٧ - الصفحة ١٣٩
وجزم أنه المشار إليه في الحديث النبوي لما علم تلك الصفات فيه مع وجود احتمال أن يتجدد في وفود اليمن مستقبلا من يكون بتلك الصفات، فإن قبيلة مراد كثيرة والتوالد فيها كثير وعين ما ذكرتموه من الاحتمال موجود، وكذلك قضية الخوارج لما وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصفات ورتب عليها حكمهم، ثم بعد ذلك لما وجدها علي (عليه السلام) موجودة في أولئك في واقعة حروراء والنهروان، جزم بأنهم هم المرادون بالحديث النبوي وقاتلهم وقتلهم، فعمل بالدلالة عند وجود الصفة مع احتمال أن يكون المرادون غيرهم، وأمثال هذه الدلالة والعمل بها مع قيام الاحتمال كثيرة، فعلم أن الدلالة الراجحة لا تترك لاحتمال المرجوح.
ونزيده بيانا وتقريرا فنقول: لزوم ثبوت الحكم عند وجود العلامة والدلالة لمن وجدت فيه أمر يتعين العمل به والمصير إليه، فمن تركه وقال بأن صاحب الصفات المراد بإثبات الحكم له ليس هو هذا، بل شخص غيره سيأتي، فقد عدل عن النهج القويم ووقف نفسه موقف المليم، ويدل على ذلك أن الله عز وجل لما أنزل في التوراة على موسى أنه يبعث النبي العربي في آخر الزمان خاتم الأنبياء، ونعته بأوصافه وجعلها علامة ودلالة على إثبات حكم النبوة له، وصار قوم موسى (عليه السلام) يذكرونه بصفاته ويعلمون أنه يبعث، فلما قرب زمان ظهوره وبعثه صاروا يهددون المشركين به ويقولون: سيظهر الآن نبي نعته كذا وصفته كذا ونستعين به على قتالكم.
فلما بعث (صلى الله عليه وآله) ووجدوا العلامات والصفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوته أنكروه (1) وقالوا: ليس هذا هو، بل هو غيره وسيأتي.
فلما جنحوا إلى الاحتمال وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال، أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة وجنحوا إلى الاحتمال، وهذه القصة من أكبر الأدلة، وأقوى الحجج على أنه يتعين العمل بالدلالة عند وجودها، وإثبات الحكم لمن وجدت تلك الأدلة فيه.
فإذا كانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت تلك الأحكام المذكورة موجودة في الحجة الخلف الصالح محمد (عليه السلام) تعين إثبات كون المهدي المشار إليه من غير جنوح إلى الاحتمال بتجدد غيره في الاستقبال.
فإن قال المعترض: نسلم لكم أن الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعين العمل بها، ولزم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه، لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح

1 - في نسخة (ط): أنكروا ذلك.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثلاثون والمائة في زهد أمير المؤمنين عليه السلام من طريق الخاصة وفيه ثلاثون حديثا 5
2 الباب الحادي والثلاثون والمائة في خوفه من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار وخبر أبي الدرداء، وطلاقه الدنيا ثلاثا من طريق العامة وفيه عشرة أحاديث 16
3 الباب الثاني والثلاثون والمائة في خوفه عليه السلام من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار، وتصور الدنيا له عليه السلام وطلاقه الدنيا من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث 21
4 الباب الثالث والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين عليه السلام ينادي يوم القيامة من طريق العامة وفيه حديثان 26
5 الباب الرابع والثلاثون والمائة في أن عليا ينادي يوم القيامة من طريق الخاصة وفيه حديث واحد 27
6 الباب الخامس والثلاثون والمائة في أن الركبان الأربعة يوم القيامة منهم أمير المؤمنين عليه السلام من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث 28
7 الباب السادس والثلاثون والمائة في ان الركبان يوم القيامة أربعة منهم علي عليه السلام من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث 30
8 الباب السابع والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق العامة وفيه أحد عشر حديثا 34
9 الباب الثامن والثلاثون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة حامل لواء الحمد وولي الحوض وساقيه من طريق الخاصة وفيه تسعة عشر حديثا 40
10 الباب التاسع والثلاثون والمائة في أنه عليه السلام حامل اللواء يوم القيامة وساقي الحوض وقسيم الجنة والنار من طريق العامة زيادة في ما تقدم وفيه ثمانية وعشرون حديثا 48
11 الباب الأربعون والمائة في أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قسيم الجنة والنار من طريق الخاصة وفيه ثمانية عشر حديثا 59
12 الباب الحادي والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر من الأئمة الاثني عشر: 77
13 الباب الثاني والأربعون والمائة في إمامة الامام الثاني عشر عليه السلام من الأئمة الاثني عشر 119
14 الباب الثالث والأربعون والمائة في ذكر ما استدل به الشيخ ابن طلحة على الامام المهدي عليه السلام 135
15 الباب الرابع والأربعون 142
16 نصيحة لطيفة وهداية شريفة نختم بها هذا الكتاب 150
17 في رسائل الجاحظ حول أحقية الأمير عليه السلام بالخلافة وأفضليته 153