دليل النص بخبر الغدير - الكراجكي - الصفحة ٤٤
الجواب عن السؤال الثاني:
وأما الحجة على أن لفظة " مولى " تحتمل " أولى " وأنها أحد أقسامها، فليس يطالب بها أيضا منصف كان له أدنى الاطلاع في اللغة، وبعض الاختلاط بأهلها، لأن ذلك مستفيض بينهم، غير مختلف عندهم، وجميعهم يطلقون القول فيمن كان أولى بشئ أنه مولاه.
وأنا أوضح لك أقسام " مولى " في اللسان لتعلمها على بيان.
اعلم أن لفظة " مولى " في اللغة تحتمل عشرة أقسام:
أولها: " الأولى "، وهو الأصل الذي ترجع إليه جميع الأقسام، قال الله تعالى: ﴿ فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير﴾ (15).
يريد سبحانه هي أولى بكم على ما جاء في التفسير (16) وذكره أهل اللغة (17). وقد فسره على هذا الوجه أبو عبيدة معمر بن المثنى (18) في كتابه المعروف

(١٥) الحديد ٥٧: ١٥.
(١٦) تفسير الطبري ٢٧: ١٣١، الكشاف ٤: ٦٤، زاد المسير الكبير للرازي - ٢٩: ٢٢٧.
(١٧) معاني القرآن - للفراء - ٣: ١٣٤، معاني القرآن - للزجاج - ٥:
١٢٥، الصحاح - ولي - ٦: ٢٥٢٨.
ه (١٨) معمر بن المثنى التيمي، تيم قريش، أو تيم بني مرة على خلاف بينهم، وهو على القولين معا مولى لتيم، وقد اختلفوا في مولده، ولعل الأقرب إلى الصحة أنه ولد سنة ١١٠ ه‍، ولم تذكر المراجع أين ولد، إلا أنها تصفه في عداد علماء البصرة، ارتحل إلى بغداد سنة ثمانية وثمانين ومائة حيث جالس الفضل بن الربيع وجعفر ابن يحيى وسمعا منه، وتكاد تتفق كلمات أصحاب المراجع على أنه كان من الخوارج، وأنه كان يكتم ذلك ولا يعلنه، ولكن يبدو أنهم اختلفوا في الفرقة التي ينتمي إليها، فمنهم من يقول: إنه كان صفريا، في حين يذهب الآخرون إلى أنه كان من الأباظية.
عاصر من علماء اللغة: الأصمعي وأبا زيد، وله معهم مناظرات متعددة، كان يرجحه الباحثون في كثير منها عليهما.
توفي نحو سنة ٢١٠ ه‍، وقيل: لم يحضر جنازته أحد لأنه كان شديد النقد لمعاصريه.
أنظر: فهرست النديم: ٥٩، تأريخ بغداد ١٣: ٢٥٤، معجم الأدباء ٩: ١٥٤ تذكرة الحفاظ ١: ٣٧١.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»