دليل النص بخبر الغدير - الكراجكي - الصفحة ٤٢
ولم يزل القوم يقرون لأمير المؤمنين عليه السلام بالفضائل، ويسلمون له المناقب، وقد كانوا أنصاره وبعض أعوانه، وإنما دخلت الشبهة عليهم بعد الحكمين، فزعموا أنه خرج عن جميع ما كان يستحقه من الفضائل بالتحكيم، وقد قال شاعرهم:
كان علي قبل تحكيمه جلدة بين العين والحاجب ولو لم يكن الخبر كالشمس وضوحا لم يحتج به أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى، حيث قال للقوم في ذلك المقام: " أنشدكم الله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيده فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، غيري؟ ".
قالوا: اللهم لا، فأقر القوم به ولم ينكروه، واعترفوا بصحته ولم يجحدوه (11).
فإن قال قائل: فما باله لم يذكر في حال احتجاجه به تقرير رسول الله صلى الله عليه وآله للناس على أنه أولى بهم منهم بأنفسهم؟ ولم اقتصر على ما ذكر، وهو لا ينفع في الاستدلال عندكم ما لم يثبت التقرير المتقدم؟؟
وما جوابكم لم قال: إن المقدمة لم تصح، وليس لها أصل، وقد سمعنا هذا الخبر ورد في بعض الروايات وهو عار منها، فما قولكم فيها؟؟
قيل له: إن خلو إنشاد أمير المؤمنين عليه السلام من ذكر المقدمة لا يدل على نفيها أو الشك في صحتها، لأنه قررهم من بعض الخبر على ما يقتضي الإقرار، بجميعه، اختصارا في كلامه، وغنى معرفتهم بالحال عن إيراده على كماله، وهذه عادة الناس فيما يقررون به.
وقد قررهم عليه السلام في ذلك المقام بخبر الطائر (12) فقال: " أفيكم رجل قال

(١١) أنظر المناقب - للخوارزمي -: ٢٢٢، وشرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد المعتزلي - ٦: ١٦٧، ومناقب الإمام علي عليه السلام - للمغازلي - : ١١٢ / ١٥٥.
(١٢) حديث الطائر وقصته من الشهرة والتصديق بشكل لا يخفى وقد نقلته كثير من مصادر الحديث بأسانيد وطرق مختلفة، وفي كلها إقرار بأفضلية أمير المؤمنين عليه السلام دون غيره من الصحابة.
أنظر: سنن الترمذي ٥: ٦٣٦ / ٣٧٢١، تأريخ بغداد ٣: ١٧١ و ٩: ٣٦٩، حلية الأولياء ٦: ٣٣٩، الرياض النضرة ٣: ١١٤، مستدرك الحاكم ٣: ١٣٠، المناقب - للمغازلي -: 156 - 174، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تأريخ دمشق 2: 151، تذكرة الخواص: 44.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»