الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢١٢
أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، وقال لأمير المؤمنين عليه السلام: لئن قاتلتهم بواحد لأكونن ثانيا، فقال عليه السلام: والله ما أجد عليهم أعوانا ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون.
وروى أبو مخنف عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وكنت حاضرا بالمدينة فإذا هو واجم كئيب، فقلت: ما أصاب قوم صرفوا هذا الأمر عنكم، فقال: صبر جميل فقلت: سبحان الله إنك لصبور قال: فأصنع ماذا؟ قلت: تقوم في الناس وتدعوهم إلى نفسك إنك أولى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعمل والسابقة، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة على المائة وإن دانوا لك كان لك ما أحببت، وإن أبوا قاتلتهم، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي أتاه نبيه صلى الله عليه وآله وكنت أولى به منهم، إذ ذهبوا بذلك فرده الله إليك، وإن قتلت في طلبه قتلت شهيدا، وكنت أولى بالعذر عند الله في الدنيا والآخرة، فقال: أو تراه كان تابعي من كل مائة عشرة؟ فقلت له: أرجو ذلك قال: لكن لا أرجو، ولا والله من المائة اثنين، وسأخبرك من أين ذلك إن الناس إنما ينظرون إلى قريش، فيقولون هم قوم محمد صلى الله عليه وآله وقبيلته، وإن قريشا تنظر فينا ويقولون إن لهم بالنبوة فضلا على سائر قريش، وإنهم أولياء هذا الأمر من دون قريش والناس، إنهم إن ولوه لم يخرج هذا السلطان منهم إلى أحد ابدا، ومتى كان في غيرهم تداولتموه بينكم، فلا والله لا تدفع هذا السلطان قريش طائعة إلينا أبدا فقلت: أفلا أرجع إلى المصر فأخبر الناس بمقالتك هذه، وأدعو الناس إليك؟ فقال: يا جندب ليس هذا زمان ذاك، فرجعت فكلما ذكرت للناس شيئا من فضل علي عليه السلام زبروني، وقهروني حتى رفع ذلك من أمري إلى الوليد بن عقبة، فبعث
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»