الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢١٥
يتمكن منه، ولا يرضى به، وكذلك الخروج مما يتفق أكثرهم عليه ويرضى جهودهم به، لا يقرون أحدا عليه، بل يعدونه شذوذا عن الجماعة، وخلافا على الأمة، فأما قوله: (إن الأفعال لا يقدح فيها بالظنون، بل يجب أن تحمل على ظاهر الصحة، وإن الفاعل إذا تقدمت له حالة تقتضي حسن الظن به يجب أن يحمل فعله على ما يطابقها) فإنا متى سلمنا له هذه المقدمة لم يتم قصده فيها، لأن الفعل إذا كان له ظاهر وجب أن يحمل على ظاهره إلا بدليل يعدل بنا عن ظاهره، كما يجب مثله في الألفاظ، وقد بينا أن ظاهر الشورى وما جرى فيها يقتضي ما ذكرناه للإمارات اللائحة الوجوه الظاهرة، فما عدلنا عن ظاهر إلى محتمل، بل المخالف هو الذي يسومنا أن نعدل عن الظاهر.
فأما الفاعل وما تقدم له من الأحوال فمتى تقدم للفاعل حالة تقتضي أن يظن به الخير من غير علم ولا يقين، فلا بد من أن يؤثر فيها، ويقدح أن يرى له حالة أخرى تقتضي ظن القبيح به لدلالة ظاهرها على ذلك، وليس لنا أن نقضي بالأولى على الثانية وهما جميعا مظنونتان، لأن ذلك بمنزلة أن يقول قائل: اقضوا بالثانية على الأولى، وليس كذلك إذا تقدمت للفاعل حالة تقتضي العلم بالخير منه، ثم تليها حالة تقتضي ظن القبيح به، لأنا حينئذ نقضي بالعلم على الظن ونبطل حكمه لمكان العلم، وإذا صحت هذه الجملة فما تقدمت لمن ذكر حالة تقتضي العلم بالخير، وإنما تقدم ما يقتضي حسن الظن، فليس لنا أن لا نسئ الظن عند ظهور إمارات سوء الظن، لأن كل ذلك مظنون غير معلوم.
وقوله: (ولو أراد ذلك ما منعه من أن ينص على عثمان مانع، كما لم يمنع ذلك أبا بكر من النص عليه) ليس بشئ، لأنه فعل ما يقوم
(٢١٥)
مفاتيح البحث: الظنّ (5)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»