الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٦٣
يقم فيه حكم الله تعالى وأقره على الخطأ الذي شهد هو به على نفسه، ويجري مجراهما من أمكنه أن يعلم الحال فأهملها ولم يتفصح (1) ما روي من الأخبار في هذا الباب [ويتعصب لأسلافه ومذهبه] (2) وكيف يجوز عند خصومنا على مالك وأصحابه جحد الزكاة مع المقام على الصلاة وهما جميعا في قرن (3) لأن العلم الضروري بأنهما من دينه عليه السلام وشريعته على حد واحد، وهل نسبة مالك إلى الردة مع ما ذكرناه إلا قدح في الأصول ونقض لما تضمنته من أن الزكاة معلومة ضرورة من دينه عليه السلام وأعجب من كل عجيب قوله: وكذلك سائر أهل الردة، يعني أنهم كانوا يصلون ويجحدون الزكاة لأنا قد بينا أن ذلك مستحيل غير ممكن، وكيف يصح ذلك. وقد روى جميع أهل النقل أن أبا بكر لما وصى الجيش الذين أنفذهم بأن يؤذنوا ويقيموا فإن أذن القوم كأذانهم وإقامتهم أكفوا عنهم وإن لم يفعلوا أغاروا عليهم، فجعل إمارة الاسلام والبراءة من الردة الأذان والإقامة، وكيف يطلق في سائر أهل الردة ما يطلقه من أنهم كانوا يصلون؟ وقد علمنا أن أصحاب مسيلمة وطليحة (4) وغيرهما ممن ادعى النبوة وخلع الشريعة ما كانوا يرون الصلاة ولا شيئا مما جاءت به شريعتنا

(١) ش " يتصفح ".
(٢) الزيادة من نقل ابن أبي الحديد.
(٣) القرن: الحبل الذي يقرن به الدابتان، والكلام على الاستعارة.
(٤) مسيلمة الحنفي كذاب اليمامة قتله وحشي قاتل حمزة (رض) وشاركه بذلك رجل من الأنصار وكانا مع خالد بن الوليد (يراجع في تفصيل ذلك تاريخ الطبري ٣ / ٢٦٧ - ٢٩٦ حوادث سنة ١١) وطليحة ارتد عن الاسلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فادعى النبوة فوجه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله عماله من بني أسد وفاجئهم نبأ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فاستطار أمره ثم لم يثبت لجيش المسلمين ففر حتى نزل كلب على النقع فأسلم ولم يزل مقيما في كلب حتى توفي أبو بكر (رض) وكان قد عفى عنه وقال: خلوا عنه فقد هداه الله إلى الاسلام (انظر تفصيل ذلك في تاريخ الطبري ٣ / 253 - 261 حوادث سنة 11).
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»