الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١١٥
دفن فلان وفلان ليلا، بل مع الاحتجاج بذلك على ما وردت به الروايات المستفيضة الظاهرة التي هي كالمتواتر أنها أوصت بأن تدفن ليلا حتى لا يصلي عليها الرجلان، وصرحت بذلك وعهدت فيه عهدا، بعد أن كانا استأذنا عليها في مرضها ليعوداها فأبت أن تأذن لهما فلما طال عليهما المدافعة رغبا إلى أمير المؤمنين عليه السلام في أن يستأذن لهما وجعلاها حاجة إليه فكلمها أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك وألح عليها فأذنت لهما في الدخول ثم أعرضت عنهما عند دخولهما ولم تكلمهما فلما خرجا قالت لأمير المؤمنين عليه السلام أليس قد صنعت ما أردت؟ قال نعم قالت:
فهل أنت صانع ما آمرك قال: نعم قالت: فإني أنشدك الله أن لا يصليا على جنازتي ولا يقوما على قبري.
وروي أنه عليه السلام عمى على قبرها (1) ورش أربعين قبرا في البقيع ولم يرش على قبرها حتى لا يهتديا إليه، وإنما عاتباه على ترك إعلامهما بشأنها وإحضارهما الصلاة عليها فمن هاهنا احتججنا بالدفن ليلا، ولو كان ليس غير الدفن بالليل من غير ما تقدم عليه وتأخر عنه لم يكن فيه حجة.
فأما حكايته عن أبي علي إنكاره ما روي من ضربها وادعاؤه أن جعفر بن محمد عليه السلام كان يتولاهما وكان أبوه وجده كذلك، فأول ما فيه أن إنكار أبي علي لما وردت به الرواية من غير حجة لا يعتد به، وكيف لا ينكر أبو علي هذه الرواية وعنده أن القوم لم يجلسوا من الإمامة إلا مجلسهم، ولا تناولوا إلا بعض حقهم وأنهم كانوا على كثب (2) عظيم

(1) ش " عفى قبرها ".
(2) الكثب - بالتحريك -: القرب.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»