الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٠٤
باعني، ومنهم من وهب لي، حتى استجمعتها فرأيت أن أردها على ولد فاطمة عليها السلام، فقالوا: إن أبيت إلا هذا فأمسك الأصل، وأقسم الغلة ففعل.
فأما ما ذكره من ترك أمير المؤمنين عليه السلام فدك لما أفضى الأمر إليه، واستدلاله بذلك على أنه لم يكن الشاهد فيها، فالوجه في تركه عليه السلام رد فدك هو الوجه في إقراره أحكام القوم، وكفه عن نقضها وتغييرها، وقد بيناه في هذا الكتاب مجملا ومفصلا، وذكرنا أنه عليه السلام كان في انتهاء الأمر إليه في بقية من التقية قوية.
فأما استدلاله على أن حجر أزواج النبي صلى الله عليه وآله كانت لهن بقوله عز وجل: ﴿وقرن في بيوتكن﴾ (١) فمن عجيب الاستدلال، لأن هذه الإضافة لا تقتضي الملك. بل العادة جارية فيه بأنها تستعمل من جهة السكنى، ولهذا يقال: هذا بيت فلان ومسكنه ولا يراد بذلك الملك، وقد قال الله تعالى: ﴿لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة﴾ (2) ولا شبهة في أنه تعالى أراد منازل الأزواج التي يسكنون فيها زوجاتهم، ولم يرد بهذا الإضافة الملك.
فأما ما رواه من أن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم حجره على بناته ونسائه فمن أين له إذا كان هذا الخبر صحيحا أن هذه القسمة على جهة التمليك دون الاسكان والانزال؟ ولو كان قد ملكهن ذلن لوجب أن يكون ظاهرا مشهورا.
فأما الوجه في ترك أمير المؤمنين عليه السلام لما صار الأمر إليه في يده

(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»