التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ٩٠
قال بعض العدلية: أيرتاب في هذه النصوص، ولا يرتاب في قول مخلوق من مشائخ الجبرية، والقرآن محكم، على التوراة والإنجيل ، ولا يحكم على قول جبري (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ، ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم، وإنهم لفي شك منه مريب) (1 ) قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل واتبع ما يوحى إليك من ربك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين) (2).
وقال تعالى: (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) (3) فجعل عدم جزائه للعامل على عمله ظلما، خلاف ما يزعمونه من نفي الحكمة، وجواز إثابة الكافر وعقاب المؤمن فناقضوا الآية.
نعم: ونسب الله العمل فيها إلى العبد، ورتب على هذه النسبة كون عدم الجزاء لفاعلها ظلما، وهذا أعظم شاهد على أن العمل من العبد وإلا لم يكن ترك الجزاء عليه ظلما إذ لا يكون عدم جزائه على ما ليس لنا فيه تأثير ظلما، كما لا يكون ظالما في عدم جزاء القصير على قصره، والأسود على سواده.

1 هود (110).
2 يونس (108 - 109).
3 طه (112).
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»