التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ١٣
أفعالنا، وعدم توقفها على شئ سوى إرادتنا ثم إذا وجدنا مختارا يتمكن من فعل دون آخر علمنا وجودها في الأول دون الثاني، ولولا تعلقها بأفعالنا، وتأثيرها فيها لم يعلم وجودها أصلا، على أن نفي تأثيرها يرفع فائدة خلقها، إذ وجودها ولا أثر لها كعدمها.
وأجابت الجبرية عن الثاني: بأن مرجح فاعليته تعالى قديم، وهو ارادته القديمة، فلا يحتاج إلى مرجح آخر بخلاف مرجح فاعلية العبد، فإنه حادث، فيحتاج إلى مؤثر، فإن صدر عن العبد تسلسل، وإلا كان مجبورا في فعله.
أجابت العدلية: بأنه لا يفيدكم ما ذكرتموه، لان ارادته تعالى قديمة عندكم، وفعله تعالى مستند إليها وجوبا عندكم، وهي مستندة إلى ذاته بطريق الايجاب (1) وإذا وجب الفعل بما ليس اختياريا له تطرق إليه الايجاب فلم يكن مختارا في فعله.
وأجابت الجبرية عن الوجه الثالث: بأن للعبد قدرة واختيارا، لكن لا تأثير لقدرته، ومثل هذا لا ينافي التكليف الشرعي.
أجابت العدلية: بأن ما ذكرتموه لا يدفع الجبر (2) المنافي للاختيار بالضرورة (3) وجعل بعض الأفعال الواجبة (4) اختياريا

1 إذ لو كان صدور الإرادة القديمة بطريق الاختيار لزم أن لا يكون القديم قديما، فثبت أن استنادها بطريق الايجاب.
2 أي عدم استقلال العبد كما هو مرادهم حيث يقولون فعل العبد واسطة بين الجبر والاختيار، فأشار المؤلف عليه السلام أن لافرق عند التحقيق.
3 متعلق بمناف.
4 أي الذي يجب وجوها عند تحقق الإرادة، والمراد بالبعض هو الفعل الشرعي، أي ما حسنه الشرع أو قبحه
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»