التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ١٠
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على محمد الأمين، وآله الطيبين الأكرمين. وبعد فهذه تحفة للطالبين، وتبصره للمستبصرين، فيما يتعلق بأفعال المكلفين، من الخلاف بين المجبرة، وأهل العدل، وما دار بينهم في ذلك من عدم الائتلاف، فنقول وبالله التوفيق، ونسأله الهداية إلى واضح الطريق:
اتفقت المجبرة (1) على أن كل كفر وفسق وفحش، وزنا ولواط، وتظالم وايمان وبر، واحسان وقع فالله سبحانه الخالق له، والموجد له، وليس للعبد في ذلك قدرة مؤثرة، ولا اختيار، وأنه سبحانه يأمر وينهى بما لا يريد، ويفعل الفعل من دون حكمة وغرض والجامع لما تعلقوا به في ذلك، الداعي (2) والعلم، ونفي الحسن والقبح العقليين، وأن لا يقع في ملكه ما لا يريد، وتكليف ما لا يطاق، والآيات والاخبار التي ظاهرها الجبر، وأنهم السواد الأعظم لكثرتهم، ومناظرة إبليس والملائكة بعد أمره بالسجود.
واتفق أهل العدل على أن العبد قادر بقدرة أعطاه الله إياها بها يتمكن من ايجاد الفعل، وتركه باختياره، وأن الله عدل حكيم، لا يكلف ما لا يطاق، وأن جميع أفعاله حكمة مقصودة له، وأنه متعال

1 سميت المجبرة مجبرة لقولهم: إن العبد مجبر على ما هو منه من طاعة أو معصية. شرح الملل والنحل للإمام المهدي عليه السلام.
2 حقيقة الداعي: ما يترجح لأجله وجود الفعل على تركه.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»