التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ١١
عن خلق الكفر والفسق، وأفعال العباد.
وتعلقوا في صحة ذلك بضرورة العقل وبالسمع.
فصل أما الداعي وهو المرجع للفعل على الترك، فبيانه:
أنه إن كان الفعل لازم الصدور عن العبد بحيث لا يمكنه الترك فواضح أنه غير مختار، وإن كان جائزا وجوده وعدمه، فإن افتقر إلى مرجح فمع المرجح يعود التقسيم فيه بأن يقال: إن كان لازما فاضطراري، وإلا احتاج إلى مرجح آخر، ولزم التسلسل، وإن لم يفتقر إلى مرجح بل يصدر عنه تارة، ولا يصدر عنه أخرى مع تساوي الحالتين، فهو اتفاقي (1).
والاتفاقي (2) لا يكون في وسعه واختياره، فيلزم من هذا الجبر، وهو المطلوب.
قال الرازي (3): ولو أجمع الأولون والآخرون على هذا

1 فهو كفعل الساهي والنائم.
2 قوله: فهو اتفاقي، أي فالفعل اتفاقي صادر بلا سبب يقتضيه، فلا يكون اختياريا، لان الفعل الاختياري لابد له من إرادة جازمة ترجحه، يعني ترجح الوجود على الترك، لا أنه تصيره راجحا، إذ قد يريد المرجوح ، وهو ما تركه أولى من فعله. تمت من حواشي شرح الغاية.
والحاصل أن المرجح إما أن يكون من فعل الله، أو من فعل العبد، أولا من فعل الله ولا من فعل العبد لا جائز أن يكون من فعل العبد، وإلا لزم التسلسل، ولا جائز ان يكون لا بفعل الله، ولا بفعل العبد لأنه يلزم من ذلك حدوث شئ لا لمؤثر، وذلك يبطل القول بالصانع، إذ يقتضي القدح في الاستدلال بالممكن على المؤثر، وذلك يقتضي نفي الصانع.
3 الرازي هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين الرازي مولدا، الأشعري أصولا الشافعي فروعا صاحب التفسير الكبير وفاته عام 606 ه.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»