القاموس المحيط - الفيروز آبادي - ج ١ - الصفحة ٣٤
على عتوه يبالغ في تعظيمه وأعطاه عند اجتماعه به مائة ألف درهم قال السيد مرتضى في شرحه بعد ما ذكر ذلك هكذا نقله شيخنا والذي رأيته في معجم الشيخ ابن حجر المكي انه أعطاه خمسة آلاف دينار ورام مرة التوجه إلى مكة من اليمن فكتب إلى السلطان يستأذنه ويرغبه في الاذن له بكتاب من فصوله وكان من عادة الخلفاء سلفا وخلفا انهم كانوا يبردون البريد بقصد تبليغ سلامهم إلى حضرة سيد المرسلين فاجعلني جعلني الله فداءك ذاك البريد فانى لا أشتهي شيئا سواه ولا أريد فكتب إليه السلطان ان هذا شئ لا ينطق به لساني ولا يجرى به قلمي فبالله عليك الا ما وهبت لنا هذا العمر والله يا مجد الدين يمينا بارة انى أرى فراق الدنيا ئنعيمها ولا فراقك أنت اليمن وأهله وكان السلطان الأشرف قد تزوج ابنته وكانت رائعة في الجمال فنال بذلك منه زيادة البر والرفعة بحيث انه صنف له كتابا وأهداه له على طباق فملأه له دراهم اه وتوفى رحمه الله في اليمن بزبيد قاضيا ممتعا بحواسه وقد ناهز التسعين في ليلة الثلاثاء الموفى عشرين من طوال سنة 817 أو 16 ودفن بتربة الشيخ إسماعيل الجبرتي وهو آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفن فاق فيه الاقران على رأس القرن الثامن منهم السراج البلقيني في فقه الشافعي والإمام ابن عرفة في فقه مالك بل وفى سائر العلوم وترجمة السيوطي في البغية وغيرها وكذا ابن قاضى شبهة في الطبقات والصفدي في تاريخه والمنقري في أزهار الرياض قالوا وكان يزعم أن جده فضل الله ولد الشيخ أبى اسحق الشيرازي ولا يبالي بما شاع أن الشيخ لم يتزوج فضلا عن أن يكون له عقب وكذا الحافظ ابن حجر العسقلاني قال اجتمعت بالمجد اللغوي في زبيد وفى وادى الخصيب وناولني جل القاموس وأذن لي وقرأت عليه من حديثه وكتب لي تقريظا على بعض تخاريجي وأنشدني لنفسه في سنة ثمانمائة بزبيد وكتبهما عنه الصلاح الصفدي في سنة سبع وخمسين بدمشق أحبتنا الأماجد ان رحلتم * ولم ترعوا لنا عهدا والا وذكر ترجمة واسعة في أنباء الغمر عن أبناء العمر وقال لم تزل مشايخنا يطعنون في نسبته إلى أبى اسحق مستندين إلى أن أبا إسحاق لم يعقب ثم ارتقى رتبة فادعى بعد أن ولى اليمن بمدة طويلة انه من ذرية أبى بكر الصديق ولم يكن مدفوعا عن معرفة الا أن النفس تأبى قبول ذلك المحشى وما قاله الحافظ في غاية الظهور وقد وافقوه عليه وانه لجدير بالموافقة والله أعلم واقتفى اثره الحافظ تلميذه أبو الخير السخاوي في الضوء اللامع في أهل القرن التاسع وبالجملة فترجمته واسعة ومن مفاخره البالغة انه جاء بردف كلام مولانا الإمام علي كرم الله وجهه على الفور من غير توقف لما سألوه في الروم عن قول لكتابه * ألصق روانفك بالجبوب وخذ المزبر بشناترك واجعل حندورتيك إلى قيهلى حتى لا أنغى نغية الا أودعتها بحماطة جلجلانك فقال معناه ألزق عضرطك بالصلة وخذ المصطر بأباخسك واجعل جحمتيك إلى أثعباني حتى لا أنبس نبسة الا وعيتها في لمظة رباطك فعجب الحاضرون من سرعة الجواب بما هو أغرب من السؤال (فالروانف) المعقدة (والعضرط) بضم أوله وثالثه أو كسرهما لاست فهو كالروانف (والالزاق) والاصاق واحد (والجبوب) الأرض (كالصلة) بفتح أولهما وتشديد اللام و (المزبر والمصطر) بوزن منبر القلم فهو اسم آلة من سطر ككتب وزنا ومعنى وان أغفله المصنف و (والشناتر) جمع شنترة ما بين الأصابع وأراد بها الامام الأصابع نفسها وهى (الأباخس) ولم يذكر والها مفردا (والحندورة) الحدقة و (الجحمة) هي العين و (القيهل) الوجه (كالاثعبان) بضم الهمزة وقد غلط القرافي هنا في القول المأنوس شرح مغلق القاموس حيث فسر الا ثعبان باللسان و (نبس) كضرب تكلم فأسرع فقوله أنبس كقول الامام أنغى مضارع نغى كرمى تكلم بكلام مفهوم و (النغية) النغمة فهي كالنبسة
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»