مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٣٠
صدق الخبر وكذبه (تنبيه) على تفسير الصدق والكذب الذي قد سبق إشارة ما إليه في قوله تطابقه أو لا تطابقه، اختلف القائلون بانحصار الخبر في الصدق والكذب في تفسيرها.
فقيل: (صدق الخبر مطابقته) أي مطابقة حكمه (للواقع) وهو الخارج الذي يكون لنسبة الكلام الخبري (وكذبه) أي كذب الخبر (عدمها) أي عدم مطابقته للواقع، يعنى ان الشيئين اللذين أوقع بينهما نسبة في الخبر، لابد وأن يكون بينهما نسبة في الواقع، أي مع قطع النظر عما في الذهن وعما يدل عليه الكلام فمطابقة تلك النسبة المفهومة من الكلام للنسبة التي في الخارج، بان يكونا ثبوتيتين أو سلبيتين صدق وعدمها، بان يكون إحديهما ثبوتية والأخرى سلبية كذب.
(وقيل) صدق الخبر (مطابقته لاعتقاد المخبر ولو كان) ذلك الاعتقاد (خطأ) غير مطابق للواقع (و) كذب الخبر (عدمها) أي عدم مطابقته لاعتقاد المخبر ولو كان خطأ، فقول القائل السماء تحتنا معتقدا ذلك صدق، وقوله السماء فوقنا غير معتقد كذب، والمراد بالاعتقاد الحكم الذهني الجازم أو الراجع، فيعم العلم والظن.
وهذا يشكل بخبر الشاك لعدم الاعتقاد فيه فيلزم الواسطة ولا يتحقق الانحصار، اللهم الا ان يقال انه كاذب لأنه إذا انتفى الاعتقاد صدق عدم مطابقة الاعتقاد والكلام في أن المشكوك خبر أو ليس بخبر مذكور في الشرح فليطالع ثمة (بدليل) قوله تعالى [إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يشهد (ان المنافقين لكاذبون)] فإنه تعالى جعلهم كاذبين في قولهم انك لرسول الله لعدم مطابقته لاعتقادهم وان كان مطابقا للواقع.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»