رجل آخر: يا خليفة، وهو اسم رجل، فقال رجل من بني لهب:
ليقتلن أمير المؤمنين، فرجع فقتل في تلك السنة. ولهب: قبيلة من اليمن فيهم عيافة وزجر، وتشاءم هذا اللهبي بقول الرجل أشعر أمير المؤمنين فقال: ليقتلن، وكان مراد الرجل أنه أعلم بسيلان الدم عليه من الشجة كما يشعر الهدي إذا سيق للنحر، وذهب به اللهبي إلى القتل لأن العرب كانت تقول للملوك إذا قتلوا: أشعروا، وتقول لسوقة الناس:
قتلوا، وكانوا يقولون في الجاهلية: دية المشعرة ألف بعير، يريدون دية الملوك، فلما قال الرجل: أشعر أمير المؤمنين جعله اللهبي قتلا فيما توجه له من علم العيافة، وإن كان مراد الرجل أنه دمي كما يدمى الهدي إذا أشعر، وحقت طيرته لأن عمر، رضي الله عنه، لما صدر من الحج قتل. وفي حديث مكحول: لا سلب إلا لمن أشعر علجا أو قتله، فأما من لم يشعر فلا سلب له، أي طعنه حتى يدخل السنان جوفه، والإشعار: الإدماء بطعن أو رمي أو وج ء بحديدة، وأنشد لكثير:
عليها ولما يبلغا كل جهدها، وقد أشعراها في أظل ومدمع أشعراها: أدمياها وطعناها، وقال الآخر:
يقول للمهر، والنشاب يشعره:
لا تجزعن، فشر الشيمة الجزع وفي حديث مقتل عثمان، رضي الله عنه: أن التجيبي دخل عليه فأشعره مشقصا أي دماه به، وأنشد أبو عبيدة:
نقتلهم جيلا فجيلا، تراهم شعائر قربان، بها يتقرب وفي حديث الزبير: أنه قاتل غلاما فأشعره. وفي حديث معبد الجهني: لما رماه الحسن بالبدعة قالت له أمه: إنك قد أشعرت ابني في الناس أي جعلته علامة فيهم وشهرته بقولك، فصار له كالطعنة في البدنة لأنه كان عابه بالقدر. والشعيرة: البدنة المهداة، سميت بذلك لأنه يؤثر فيها بالعلامات، والجمع شعائر. وشعار الحج: مناسكه وعلاماته وآثاره وأعماله، جمع شعيرة، وكل ما جعل علما لطاعة الله عز وجل كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك، ومنه الحديث: أن جبريل أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: مر أمتك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج.
والشعيرة والشعارة (* قوله: والشعارة كذا بالأصل مضبوطا بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها). والمشعر:
كالشعار. وقال اللحياني: شعائر الحج مناسكه، واحدتها شعيرة. وقوله تعالى:
فاذكروا الله عند المشعر الحرام، هو مزدلفة، وهي جمع تسمى بهما جميعا. والمشعر: المعلم والمتعبد من متعبداته.
والمشاعر: المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها، ومنه سمي المشعر الحرام لأنه معلم للعبادة وموضع، قال: ويقولون هو المشعر الحرام والمشعر، ولا يكادون يقولونه بغير الألف واللام. وفي التنزيل: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله، قال الفراء:
كانت العرب عامة لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ولا يطوفون بينهما فأنزل الله تعالى: لا تحلوا شعائر الله، أي لا تستحلوا ترك ذلك، وقيل:
شعائر الله مناسك الحج. وقال الزجاج في شعائر الله: يعني بها جميع متعبدات الله التي أشعرها الله أي جعلها أعلاما لنا، وهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو ذبح،