لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٤١٠
الحب مرضا.
والشعر: منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وإن كان كل علم شعرا من حيث غلب الفقه على علم الشرع، والعود على المندل، والنجم على الثريا، ومثل ذلك كثير، وربما سموا البيت الواحد شعرا، حكاه الأخفش، قال ابن سيده: وهذا ليس بقوي إلا أن يكون على تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، والهواء للطائفة من الهواء، والأرض للقطعة من الأرض. وقال الأزهري: الشعر القريض المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أشعار، وقائله شاعر لأنه يشعر ما لا يشعر غيره أي يعلم. وشعر الرجل يشعر شعرا وشعرا وشعر، وقيل: شعر قال الشعر، وشعر أجاد الشعر، ورجل شاعر، والجمع شعراء. قال سيبويه: شبهوا فاعلا بفعيل كما شبهوه بفعول، كما قالوا: صبور وصبر، واستغنوا بفاعل عن فعيل، وهو في أنفسهم وعلى بال من تصورهم لما كان واقعا موقعه، وكسر تكسيره ليكون أمارة ودليلا على إرادته وأنه مغن عنه وبدل منه. ويقال: شعرت لفلان أي قلت له شعرا، وأنشد:
شعرت لكم لما تبينت فضلكم على غيركم، ما سائر الناس يشعر ويقال: شعر فلان وشعر يشعر شعرا وشعرا، وهو الاسم، وسمي شاعرا لفطنته. وما كان شاعرا، ولقد شعر، بالضم، وهو يشعر.
والمتشاعر: الذي يتعاطى قول الشعر. وشاعره فشعره يشعره، بالفتح، أي كان أشعر منه وغلبه. وشعر شاعر: جيد، قال سيبويه:
أرادوا به المبالغة والإشادة، وقيل: هو بمعنى مشعور به، والصحيح قول سيبويه، وقد قالوا: كلمة شاعرة أي قصيدة، والأكثر في هذا الضرب من المبالغة أن يكون لفظ الثاني من لفظ الأول، كويل وائل وليل لائل.
وأما قولهم: شاعر هذا الشعر فليس على حد قولك ضارب زيد تريد المنقولة من ضرب، ولا على حدها وأنت تريد ضارب زيدا المنقولة من قولك يضرب أو سيضرب، لأمن ذلك منقول من فعل متعد، فأما شاعر هذا الشعر فليس قولنا هذا الشعر في موضع نصب البتة لأن فعل الفاعل غير متعد إلا بحرف الجر، وإنما قولك شاعر هذا الشعر بمنزلة قولك صاحب هذا الشرع لأن صاحبا غير متعد عند سيبويه، وإنما هو عنده بمنزلة غلام وإن كان مشتقا من الفعل، ألا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة در في المصادر من قولهم لله درك؟ وقال الأخفش: الشاعر مثل لابن وتامر أي صاحب شعر، وقال: هذا البيت أشعر من هذا أي أحسن منه، وليس هذا على حد قولهم شعر شاعر لأن صيغة التعجب إنما تكون من الفعل، وليس في شاعر من قولهم شعر شاعر معنى الفعل، إنما هو على النسبة والإجادة كما قلنا، اللهم إلا أن يكون الأخفش قد علم أن هناك فعلا فحمل قوله أشعر منه عليه، وقد يجوز أن يكون الأخفش توهم الفعل هنا كأنه سمع شعر البيت أي جاد في نوع الشعر فحمل أشعر منه عليه. وفي الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن من الشعر لحكمة فإذا ألبس عليكم شئ من القرآن فالتمسوه في الشعر فإنه عربي.
والشعر والشعر مذكران: نبتة الجسم مما ليس بصوف ولا وبر للإنسان وغيره، وجمعه أشعار وشعور، والشعرة الواحدة من الشعر، وقد يكنى بالشعرة عن الجمع كما يكنى بالشيبة عن الجنس،
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»
الفهرست