مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٧١
من المذكورات من حيث هو سببا مستقلا لحرمة الماء ونجاسته * (هذا) * مع أنه قد يقال إن المتبادر من هذه الرواية أيضا بقرينة قوله (ع) في ذيلها وهو شرهم إرادة النهى عن سؤر المذكورات بلحاظ خباثتهم الباطنية المقتضية لكراهة الاستعمال لا النجاسة المصطلحة واما مرفوعة سليمان كغيرها من الأخبار المذكورة مؤيدة لهذا القول فلا يصلح ذكرها في مقام التأييد أيضا فضلا عن الاستدلال إذ ليس في شئ منها اشعار بنجاسته ضرورة ان المراد بها خباثته الباطنية التي يظهر اثرها في الآخرة لا النجاسة الظاهرية نعم لا بأس بذكر مثل هذه الأخبار في مقام الاستيناس والتقريب إلى الذهن بعد اثبات المدعى بأدلة معتبرة لافى مقام التأييد للدليل الظاهر في النجاسة فإنها لو لم تكن موهنة لظواهر ما يدل على النجاسة لا تكون مؤيدة لها لأن كون الخباثة المعنوية موثرة في كراهة استعمال السؤر أقرب إلى الذهن من كونها مؤثرة في نجاسة وكيف كان فالأقوى في المسألة ما هو المشهور من طهارة ولد الزنا واسلامه ولا يستفاد من الاخبار الا خباثته المعنوية ومرجوحية استعمال سؤره وعلى تقدير تسليم ظهورها في النجاسة فلا يستفاد منها كفره الا بدعوى الملازمة بينها وبين الكفر بناء على أن المسلم لا ينجس وانه لا واسطة بين الكفر والاسلام وفى كلتا مقدميته نظر وقد منع في الحدائق المقدمة الثانية فاختار انه نجس وله حالة غير حالتي الايمان والكفر واستشهد لمدعاه بجملة من الاخبار التي لا يخلو دلالتها عليه من تأمل ثم إن محل كلامهم في ولد الزنا بحسب الظاهر انما هو فيما إذا كان على تقدير عدم كونه من الزنا محكوما باسلامه بان كان على تقدير كونه صغيرا أبواه أو أحدهما مسلما فالمتولد من الكافرين خارج من موضوع كلامهم فلا يبعد في الفرض الحكم بتبعيته لهما ما لم يقر بالشهادتين ولم يخرج من حد التبعية لهما عرفا كما في غيره لامكان دعوى ان مناط التبعية هو الولادة العرفية دون الشرعية وقد استظهر في محكى المعالم من كلام جماعة من الأصحاب نفى الخلاف في أن ولد الزنا من الكافرين يتبعهما في النجاسة الذاتية لأنهم ذكروا الحكم جازمين به غير متعرضين لبيان دليله كما هو الشأن في المسائل التي لا مجال للاحتمال فيها و * (في) * نجاسة عرق جنب من الحرام وعرق الإبل الجلالة والمسوخ خلاف بين أصحابنا اما الأول فعن الصدوقين والإسكافي والشيخين في المقنعة والخلاف والنهاية والقاضي القول بنجاسته وربما نسب إلى المشهور بين المتقدمين بل عن الخلاف دعوى الاجماع عليه وعن الأمالي نسبته إلى دين الإمامية ووافقهم جماعة من متأخري المتأخرين لكن جملة ممن نسب إليهم القول بالنجاسة من القدماء لم يصرحوا بها بل حكموا بحرمة الصلاة في الثوب الذي اصابه العرق فنسبة القول بالنجاسة إليهم مبنى مسئلته على عدم القول بالفصل كما هو الظاهر وعن الحلي والفاضلين وجمهور من المتأخرين القول بطهارته بل عن الحلي دعوى الاجماع على طهارته مدعيا ان من قال بنجاسته في كتاب رجع عنه في كتاب اخر واستدل للقول بالنجاسة بما عن الشهيد في الذكرى قال روى محمد بن همام باسناده إلى إدريس بن زياد الكفرثوثي انه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسن (ع) وأراد ان يسئله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلي فيه فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره إذ حركه أبو الحسن (ع) بمقرعة فقال إن كان من حلال فصل فيه وان كان من حرام فلا تصل فيه وعن البحار نقلا من كتاب المناقب لابن شهرآشوب نقلا من كتاب المعتمد في الأصول قال قال علي بن مهزيار وردت العسكر وانا شاك في الإمامة فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم من الربيع الا انه صائف والناس عليهم ثياب الصيف وعلي أبي الحسن (ع) لبابيد وعلى فرسه تجفاف لبود وقد عقد ذنب فرسه والناس يتعجبون منه ويقولون الا ترون إلى هذا المدني وما قد فعل بنفسه فقلت في نفسي لو كان اماما ما فعل هذا فلما خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا إذا ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد الا ابتل حتى غرق بالمطر وعاد (ع) وهو سالم من جميعه فقلت في نفسي يوشك ان يكون هو الامام ثم قلت أريد ان أسئله عن الجنب إذا عرق في الثوب وقلت في نفسي ان كشف وجهه فهو الامام فلما قرب منى كشف وجهه ثم قال إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا تجوز الصلاة فيه وان كانت جنابته من حلال فلا بأس به فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة قال المحدث المجلسي في محكى البحار وجدت في كتاب عتيق من مؤلفات قدماء أصحابنا رواه عن أبي الفتح غازي بن محمد الطريفي عن علي بن عبد الله الميمون عن محمد بن علي بن معمر عن علي بن مهزيار بن موسى الأهوازي عنه مثله وقال إن كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال وان كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام وعن الفقه الرضوي ان عرقت في ثوبك وأنت جنب وكانت الجنابة من حلال فتجوز الصلاة فيه وان كانت حراما فلا تجوز الصلاة فيه حتى يغسل ويؤيده قول أبي الحسن (ع) في مرسلة علي بن الحكم قال لا تغتسل من غسالة ماء الحمام فإنه يغتسل فيه من الزنا ويغتسل فيه ولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم وضعف سند الروايات مجبور بما عرفت من شهرة الفتوى بمضمونها بين القدماء ونقل اجماعهم عليه بل الانصاف انه يحصل من مجرد اشتهار مثل هذا الحكم بين القدماء مع كونه مما لا يمكن ان يستند فيه إلى شئ سوى رواية واردة فيه بالخصوص خصوصا مع كون من أفتى به مثل الصدوقين ممن يقضى التتبع بكون فتاويه مضامين الروايات الوثوق بصدور رواية بهذا المضمون مضافا إلى ما عن المبسوط من نسبته إلى رواية أصحابنا فلا ينبغي الاستشكال فيه من هذه الجهة وانما الاشكال في دلالة الروايات على المدعى فإنها لا تدل الا على المنع من الصلاة في الثوب الذي اصابه العرق وهو
(٥٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 ... » »»