مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٥٧
مما اطلق عليه الاسم بمعنى انه اسم لكل ما يطلق عليه الفقاع في العرف بشرط يكون له صفة النشيش والا فالاطلاق مبنى على المسامحة والتجوز فعند اشتباه حال الفرد الذي اطلق عليه الاسم حكم بكونه مصداقا حقيقيا له بمقتضى أصالة الحقيقة والى هذا المعنى أشار في القاموس حيث قال الفقاع كرمان هذا الذي يشرب سمى بذلك لما يرتفع في رأسه من الزبد انتهى ولكن اثبات كونه من أصله اسما للأعم ولو بعد تسليم كونه عرفا كذلك لا يخلو عن اشكال فإنه وان اقتضت أصالة عدم الاشتراك والنقل كونه كذلك وعدم الالتفات إلى تفسير من فسر بنبيذ الشعير الظاهر في الاختصاص بعد معارضته بقول من فسره بالأعم ومساعدة العرف عليه لكن من المعلوم ان اطلاقه على مصاديقه ليس بلحاظ معناه الوصفي والا لم يكن محتاجا إلى مراجعة العرف في تشخيص المسمى بل بلحاظ معناه الأسمى والذي يظهر من كلماتهم كون المتعارف في القديم اتخاذه من الشعير فمن المستبعد صيرورة اللفظ حقيقة في الأعم منه ومما يشاركه في الخواص من جنس المشروبات وان لم يكن متعارفا نوعه فمن هنا قد يغلب على الظن صحة ما سمعته من أبي هاشم وغيره من تفسيره بنبيذ الشعير ولا يعارضه تفسير من تأخر عنه بما هو أعم من ذلك لاحتمال تجدد النقل وأصالة عدم النقل لا تصلح دليلا لطرح قول من صرح بكونه اسما للمعنى الخاص ثم لو سلم كونه حقيقة في الأعم فهو غير مجد في حمل الأخبار الناهية عنه عليه بعد فرض كون الغالب المتعارف فيه هو خصوص المتخذ من الشعير كما هو مقتضى كلماتهم فان اطلاقات الاخبار تنصرف إلى افراده الشايعة المتعارفة وكيف كان فالحكم في غير المتخذ من الشعير محل تودد * (ثم) * ان مقتضى اطلاق الفتاوى وأغلب النصوص حرمة الفقاع ونجاسته مطلقا سواء حصل له النشيش والغليان أم لا فالمدار على تحقق الاسم لكن حكى عن ابن الجنيد أنه قال إن تحريمه من جهة نشيشه ومن ضراوة انائه إذا كرر فيه العمل وظاهره انتفاء الحرمة عند انتفاء النشيش والغليان سواء صدق عليه اسم الفقاع أم لا ولذا عدة جملة من الأصحاب مخالفا للمشهور لكن يظهر من غير واحد منهم كالشهيدين وأبي هاشم في عبائرهم المتقدمة وكذا من غيرهم أيضا اعتبار النشيش والغليان في تحقق مفهومه فلا يكون الفقاع فقاعا حقيقة الا إذا نش وارتفع في رأسه الزبد واطلاق الفقاع عليه قبل ان يصير كذلك تجوز فحكم الأصحاب بحرمته على الاطلاق لعله بهذه الملاحظة والا فالأقوى ما ذهب إليه ابن الجنيد كما صرح به في الحدائق وغيره لصحيحة ابن أبي عمير عن مرازم قال كان يعمل لأبي الحسن عليه السلام الفقاع في منزله قال ابن أبي عمير ولم يعمل فقاع يغلى ورواية عثمان بن عيسى قال كتب عبد الله بن محمد الرازي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام ان رأيت أن تفسر لي الفقاع فإنه قد اشتبه علينا امكروه هو بعد غليانه أم قبله فكتب لا تقرب الفقاع الا ما لم يضر انيته أو كان جديدا الكتاب إليه اني كتبت اسئل عن الفقاع ما لم يغل فأتاني ان اشربه ما كان في إناء جديدا وغير ضار ولم اعرف حد الضراوة والجديد وسئل ان يفسر ذلك له وهل يجوز شرب ما يعمل في الغضارة والزجاج والخشب ونحوه من الأواني فكتب تجعل الفقاع في الزجاج وفى الفخار الجديد إلى قدر ثلاث عملات ثم لا يعد منه بعد ثلاث عملات الا في إناء جديد و الخشب مثل ذلك ويؤيده صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي قال سئلته عن شرب الفقاع الذي يعمل في السوق ويباع ولا أدري كيف عمل ولا متى عمل أيحل ان اشربه قال لا أحبه فان ظاهر قوله ولا متى عمل ان الحرام منه ما يبقى حتى يحصل له النشيش ثم إن ظاهر الأصحاب حيث جعلوا الفقاع قسما للخمر وغيرها من المسكرات عدم اعتبار الاسكار فيه بل سمعت من مجمع البحرين كما صرح به غيره أيضا انه شراب غير مسكر لكن يفهم من الاخبار ان حرمته حرمة خمرية فيستشعر منها انه من الأشربة المسكرة كما يؤيده ما حكى عن زيد بن اسلم أنه قال الغبيرا التي نهى رسول الله عنها هي الاسكركة خمر الحبشة انتهى وقد فسر الاسكركة بالفقاع فلا يبعد ان يكون له مرتبة خفية من الاسكار لا توجب زوال العقل فلعله لذا سمى في الاخبار بالخمر المجهول حيث لم يعرف مسكريته وكيف كان فالظاهر أن ماء الشعير الذي يستعمله الأطباء ليس منه كما استظهره غير واحد والله العالم * (العاشر) * الكافر بجميع أصنافه على المشهور بل لم يعرف الخلاف في غير الكتابي منه من أحد وقد استفيض بل تواتر نقل الاجماع عليه واما الكتابي فعن جماعة أيضا دعوى الاجماع على نجاسته لكن حكى عن ابن الجنيد وظاهر العماني ونهاية الشيخ القول بطهارته وتبعهم جماعة من متأخري المتأخرين واستدل للنجاسة مطلقا بقوله تعالى انما المشركون نجس بناء على شمول المشرك لجميع أصناف الكفار كما ادعاه بعض من أنه يطلق على كل كافر من عابد صنم ويهودي ونصراني ومجوسي وزنديق وغيرهم والمناقشة فيه بمنع الاطلاق على سبيل الحقيقة غير ضائر بالنسبة إلى غير أهل الكتاب لعدم القول بالفصل واما أهل الكتاب فالمجوس بناء على كونهم من الكتابي على ما قيل قائلون بألاهية يزدان والنور والظلمة فهم من اظهر أصناف المشرك واما اليهود والنصارى فيدل على كونهم من المشركين قوله تبارك وتعالى وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله إلى قوله سبحانه تعالى الله عما يشركون وما يقال من أن النجس مصدر فلا يصح وصف الجثة به الا مع تقدير كلمة ذو ونحوها فلا تدل على المدعى لجواز ان يكون نسبتهم إلى النجس عدم انفكاك ظاهر جسدهم من النجاسات العرضية لأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ففيه ان حمله على المبالغة كزيد عدل أولى واظهر ويتوجه على الاستدلال منع كون التنجس في زمان صدور الآية حقيقة في المعنى المصطلح بل المتبادر من حمل النجس على المشركين كحمل الرجس على الميسر والأنصاب والأزلام في قوله تعالى انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس معناه اللغوي الذي هو أعم من المعنى المصطلح والعجب من صاحب الحدائق حيث حاول اثبات إرادة المعنى الأخص من الآية بكون النجس في عرف الأئمة (ع) حقيقة في المعنى الأخص كما لا يخفى على المتتبع ودفع احتمال تأخر ثبوت الحقيقة العرفية الخاصة بقوله ان عرفهم في الاحكام
(٥٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 ... » »»