مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٤٢
اسما للجملة المشتملة على اللحم والعظم والدم فلو كان الدم نجسا لتوقف حلية اكل ما عداه على تخليصه منه فلو استند فيما ذكره من التفصيل إلى ابداء احتمال العفو عنه ما دام في الباطن كما في الحيوان الحي حيث لاحكم لدمه حال حياته ما لم يظهر كان اسلم من الخدشة لكن يتوجه عليه حينئذ أيضا ما أشرنا إليه من قضاء العادة بتغير لون الماء به فطبخه في الماء لا ينفك غالبا عن ظهور دمه وتغير الماء به وكفى بظهوره في ضمن الماء علة الانفعال الماء به كما في الماء الممتزج بالدم الخارج من حلق الحيوان وكيف كان فما ذكره من التفصيل ضعيف جدا خصوصا مع اطلاق كلمات الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم المحكية واستقرار سيرة المتشرعة على عدم الالتزام بتطهير ظاهر اللحم بل تعسره أو تعذره بالنسبة إلى الشحم ونحوه الا بطرح الجزء المتلوث به نعم ما ذكره وجهاء التفضيل يصلح فارقا بين المتصل باللحم المستهلك فيه التابع له في اطلاق اسم اكل اللحم وبين المنفصل عنه المستقل بالاسم الذي يصدق على اكله اكل الدم في حلية اكله وحرمته بعد فرض طهارته فان الحرام عند استهلاكه في غيره كالتراب الممتزج بالحنطة المستهلك فيما لا اثر له بخلاف النجس فإنه لا يستهلك ولا يتبع غيره في الحلية مع وجود عينه أصلا وان كان في غاية القلة بل هو يهلك ملاقيه ويتبعه في الحكم إذا كان برطوبة مسرية ومع اضمحلال عينه وانعدام موضوعه عرفا يقوم ملاقيه مقامه في الأثر فصحة اطلاق اسم السمك أو اللحم المذكى على الجملة المشتملة على الدم المستهلك فيه لا يؤثر الا في إباحة اكله على تقدير طهارة الدم والا فهو بمنزلة ما لو اصابه قطرة دم من الخارج كما هو واضح وبما ذكرنا ظهر لك انه لا يصح الاستدلال لحلية الدم المتخلف في الذبيحة من حيث هو بالأدلة المتقدمة الدالة على طهارته لان إباحة اللحم المشتمل عليه كإباحة الحنطة المشتملة على شئ يسير من التراب لا تستلزم إباحة ما فيه من الدم من حيث هو فلا مقتضى لرفع اليد عن اطلاق قوله تعالى انما حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله لكن ربما يستدل لإباحته من حيث هو كطهارته بمفهوم قوله تعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير [الخ] فإنه يدل على حلية الدم الغير المسفوح فيخصص به اية التحريم وفيه ان الاستدلال به اما بمفهوم الوصف اما الحصر فهو بحسب الظاهر إضافي لم يقصد به الا الاحتراز عن الأطعمة المعهودة التي حرمها بعض العرب على أنفسهم افتراء على الله تعالى والا للزم تخصيص الأكثر المستهجن فان المحرمات من الحيوانات البرية والبحرية وغيرها فوق حد الاحصاء وفى الصافي عن القمي أنه قال قد احتج قوم بهذه الآية على أنه ليس شئ محرم الا هذا وأحلوا كل شئ من البهائم القردة والكلاب والسباع والذئاب والأسد والبغال والحمير والدواب وزعموا أن ذلك كله حلال وغلطوا في ذلك غلطا بينا وانما هذه الآية رد على ما أحلت العرب وحرمت لان العرب كانت تحلل على نفسها وتحرم أشياء فحكى الله ذلك لنبيه صلى الله عليه وآله ما قالوا فقال وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا الآية فكان إذا سقط الجنين اكله الرجال وحرم على النساء وإذا كان ميتا اكله الرجال والنساء * (انتهى) * لكن صاحب الصافي عليه الرحمة لم يرض بهذا التوجيه لزعمه مخالفته للاخبار الكثيرة المقررة لظاهر الآية الا ان تلك الأخبار أيضا كظاهر الآية مما لابد من تأويله ولذا وجهه بما لا يصح ظاهره على وجه يصح الاستدلال به في مقابل الأدلة الدالة على تحريم غير المذكورات و * (كيف) * كان فلا يجوز رفع اليد عن ظاهر الآية المحكمة المتقدمة بمفهوم الحصر الذي تشابه علينا امره واما الوصف فهو مع ضعف دلالته في حد ذاته على المفهوم لم يقصد به في المقام الاحتراز عن مطلق غير المسفوح كما قد يتوهم لان أغلب افراده محرم بل كثير منها نجس فلا يبعد ان يكون المراد به بيان قصر المحرم من الذبيحة على دمه المسفوح في مقابل الدم المتخلف وكفى بكونه نكتة للتقييد عدم حرمة المتخلف سواء كان بنفسه موضوعا للحلية أو بواسطة تبعية اللحم واستهلاكه فيه فلا يفهم من ذلك حلية من حيث هو حتى يتقيد به اطلاق اية التحريم نعم يفهم منه بالالتزام طهارته وان انفصل واستقل لما أشرنا إليه من أن التنجس لا يكون تابعا أصلا حتى يفصل بين حالتي الاستقلال والتبعية ودعوى ان غاية ما يفهم من الأدلة المتقدمة انما هو طهارته حين اتصاله باللحم واما مع الانفصال فلا دليل عليها فمقتضى عموم ما دل على نجاسته دم ذي النفس نجاسته * (مدفوعة) * بان العموم قد تخصص بالنسبة إلى هذا الفرد فعلى تقدير الشك في بقاء طهارته بعد الانفصال يرجع إلى استصحاب حكم الخاص لا إلى أصالة العموم لا يقال إنه ان تمت هذه القاعدة فمقتضاها استصحاب حلية أيضا بعد الانفصال والاستقلال فلا وجه للتفصيل بين الحكمين لأنا نقول لم يثبت حلية حين الاتصال من حيث هو حتى يستصحب لما أشرنا إليه من احتمال كونه مع الاتصال من قبيل التراب المستهلك في الحنطة الذي لا يلحقه عموم حرمة التراب فلم يعلم ورود تخصيص أصلا على عموم حرمة الدم والخبائث نعم لو قلنا باستفادة حليته ما دام الاتصال مما دل على حلية الذبيحة بالتضمن كساير اجزائها أو قلنا بدلالة الآية على حليته من حيث هو أو اعتمدنا في ذلك على ظواهر كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية على حلية الدم المتخلف وطهارته المقتضية لكونه من حيث هو معروضا لحليته ولو بالتبع لاتجه استصحابها بعد الانفصال والاستقلال وتوهم تبدل الموضوع المانع من جريان الاستصحاب لاحتمال مدخلية وصف الاعمال والتبعية في موضوع الحكم * (مدفوع) * بعدم ابتناء امر الاستصحاب على مثل هذه التدقيقات فالمانع من جريان الاستصحاب ليس الا احتمال عدم ثبوت وصف الحلية له الا بملاحظة استهلاكه وتبعيته للمأكول والا فلو ثبت كونه من حيث هو محكوما بالحلية ولو بتبعية
(٥٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 ... » »»