مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٠٨
فعلها بمعنى انه إذا تيمم بدلا من غسل يكون ما دام بقاء المسوغ بحكم المغتسل بذلك الغسل ولو تيمم من الوضوء يكون بمنزلة ما لو توضأ وضوء صحيحا مبيحا لغاياته ومنهما انه يستباح بالتيمم كل غاية مشروطة بالطهور بمعنى انه يجوز فعله للتوصل إلى كل غاية من غاياته بان يتيمم مثلا لمس المصاحف أو اللبث في المساجد فكما يستباح بفعله جميع الغايات وان لم يضطر إلى فعلها كذلك له فعله لاستباحة تلك الغايات فلا يتوقف صحته على ما إذا وجد لغاية خاصة من صلاة ونحوها كما توهمه بعض وملخص الكلام في المقام ان الشارع جعل التراب طهورا لمن لم يجد الماء أي عجز عن استعماله كما جعل الماء طهورا لمن قدر عليه بمعنى انه جعل التراب للعاجز بمنزلة الماء للقادر ويتفرع عليه جميع الأحكام المذكورة من استباحة جميع الغايات بالتيمم وشرعية التيمم للجميع واستباحة الجميع بفعله للبعض فمتى تحقق العجز عن الاستعمال اندرج المكلف في الموضوع الذي شرع له التيمم فجاز له التطهر به لأي غاية أحب ولو للتجديد أو الكون على الطهارة وتوهم عدم كونه مفيدا للطهارة والا لم ينتقض بوجدان الماء فلا يشرع له قصده قد عرفت دفعه في محله فلا يتوقف شرعية التيمم بعد تحقق العجز الا على مطلوبية الطهور سواء كان لذاته أو لشئ من غاياته واجبة كانت أم مندوبة ومتى تطهر به لشئ من الغايات فقد حصلت الطهارة واستبيح له جميع ما يتوقف على الطهور والا للزم اما ان لا يكون التيمم طهورا له أو لا يكون الطهارة لتلك الغاية مطلوبة منه فيفسد لذلك أو يتخلف اثر الطهارة عنها والأخير باطل بالبديهة والثاني ينافيه اطلاق مطلوبية الغاية ومحبوبية الطهور والأول خلاف الفرض و يشهد للمدعى أعني كونه طهورا للعاجز بمنزلة الماء للقادر قوله تعالى بعد شرع التيمم لمن لم يجد الماء وما جعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وقول أبى عبد الله عليه السلام في صحيحة حماد هو بمنزلة الماء وفى الصحيح لمحمد بن حمران وجميل ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وفى خبر أبي أيوب المروى عن تفسير العياشي التيمم بالصعيد لمن لم يجد الماء كمن توضأ من غدير ماء أليس الله يقول فتيمموا صعيدا طيبا ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وآله في خبر السكوني لأبي ذر يكفيك الصعيد عشر سنين وفى خبر اخر الطيب طهور المسلم ان لم يجد الماء عشر سنين وفى ثالث التراب طهور المسلم ولو إلى عشر سنين وقوله صلى الله عليه وآله في الأخبار المستفيضة الواردة في مقام الامتنان جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وقول أبى جعفر (ع) في الصحيح لزرارة فان التيمم أحد الطهورين إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على أن التراب طهور وانه أحد الطهورين وان ربه رب الماء وعن الفقه الرضوي ان التيمم غسل المضطر ووضوئه وعنه أيضا بعد بيان صفة التيمم للوضوء والجنابة وساير أبواب الغسل فهذا هو التيمم وهو الوضوء التام الكامل في وقت الضرورة إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات التي لا يبقى معها مجال للتشكيك في أن الله تعالى من على عباده بان جعل لهم التراب طهورا ما لم يجدوا ماء فمتى استحب تحصيل الطهور لذاته أو لشئ من غاياته أو وجب جاز لمن لم يجد الماء تحصيله بالتراب ولعمري ان المسألة من الواضحات التي لا ينبغي إطالة الكلام فيها واثبات كونها بعمومها اجماعية أو كون بعض جزئياتها موردا للخلاف نعم يشكل الامر في مواقع منها انه هل يجوز التيمم بدلا من الوضوءات الغير الرافعة كوضوء الجنب والحائض أو الأغسال المستحبة أم لا وجهان قد يقوى في النظر جوازه بدلا من الوضوءات المستحبة لاطلاق قوله (ع) التيمم بالصعيد لمن لا يجد الماء كمن توضأ من غدير ماء هذا مع قوة احتمال كون الوضوء في حد ذاته طبيعة واحدة فائدتها الطهور وهى تختلف بحسب الموارد من حيث قابلية المحل وعدمها واما الأغسال المسنونة فيشكل فيها ذلك وان اقتضاه اطلاق قوله (ع) في الرضوي التيمم غسل المضطر ووضوئه وعموم المنزلة في صحيحة حماد هو بمنزلة الماء فان المتبادر منه كونه بمنزلة في التوضي والاغتسال لكن لا يبعد دعوى انصرافها عما لا يرفع الحدث خصوصا بملاحظة كون الحكمة في شرع بعضها التنظيف مع أن من المستبعد جدا جواز التيمم بدلا من غسل الجمعة ولم يشر إليه في شئ من الاخبار المسوقة لبيان حكم من لا يتمكن من الاغتسال يوم الجمعة من تقديم الغسل يوم الخميس وقضائه يوم السبت إلى غير ذلك من المواقع المناسبة للتنبيه عليه فالأظهر عدم شرعيته بدلا من الأغسال المسنونة ولو على القول بالاجتزاء بها عن الوضوء والله العالم ومنها انه هل يستباح الوطي بالتيمم الذي يقع بدلا من غسل الحيض بناء على حرمته قبل الاغتسال أو تزول كراهته على القول بها فيه اشكال بناء على انتقاض كل تيمم بمطلق الحدث لان حصول مسمى الوطي ينافي بقاء اثره حتى يستباح به الوطي الا ان يدعى ان المستفاد من الأدلة ليس الا المنع من الوطي قبل التطهر بمعنى اعتبار طهارتها عند ايجاد الوطي لا استمرارها حاله أو يتمسك لاستباحته بالتيمم بما يدل عليها بالخصوص لا بالأدلة العامة وقد تقدم تحقيقه في محله ومنها انه إذا تيمم لضيق الوقت عن الصلاة مع الطهارة المائية فلا شبهة في أنه لا طهارة له بعد انقضاء صلواته التي ضاق وقتها واما ما دام متشاغلا بفعل الصلاة ومقدماتها فهل له الاتيان بسائر الغايات التي لم يتضيق أوقاتها أم لا فيه
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»