الأستاذ ناجي الحرز امتازت قصيدة الحرز برشاقة القفز على الموضوع عندما ترك الشاعر المداخل التقليدية المثبتة للولوج فدخل من النوافذ لا من الأبواب بل تسلق أسوار الموضوع من الواجهات الخلفية فاختار زاوية نظر ذاتية بعيدا عن التسجيل المباشر والتوثيق المطابق والإيغال في التفاصيل.
تبدأ القصيدة بإعلان الحيرة المتكررة كل عام مع حلول الذكرى التي تختطف فروسية الكلام وشجاعته، فمع وقوف الشاعر بأدواته الفنية وتأملاته الجمالية لكن الحروف تنطفئ عندما تكشف الرؤيا الشعرية أمام الشاعر صورة الإمام الحسين عليه السلام غريقا بين السيوف والسهام، فيترك الشاعر القصيدة ويرفع لافتة الدموع المقابلة لحالة الوجد المرتعش في عظامه والمصورة - ببراعة - بهيئة ركب أو موكب موالات محتاج للأنس الذي يجده في الدموع ولا يجده في القصيدة.
فالحرز يعلف هيامه ووجده في مسيرته نحو الجرح الخالد وهو يجترح - بشاعريته - خطاه التي تحمل لهفته وشوقه للقاء فيسمع ثم يرى ويتخلص إلى نداء الليلة ومطالبتها بالعودة إلى زمنه الحاضر في شكل إسقاط تأريخي يقارن فيه بين زمنين ويعلن عن حاجة زمانه إلى طف جديد وفتح قدسي يمتد على كل الأرض:
أليلة يوم عاشوراء عودي * بكل الصحو والهمم العظام وصبي النور في شرق وغرب * وليس على عراق أو شام